ينتظر أن يشهد هذا الاسبوع مزيداً من الاتصالات داخلياً وخارجياً في شأن الاستحقاق الرئاسي الذي توحي كل التطورات الجارية في شأنه، الايجابية منها والسلبية، انه اقترب من الحسم تحت وطأة توالي حلقات الانهيار الذي تعيشه البلاد على كل المستويات، وستتجه الانظار أكثر فأكثر في اتجاه الرياض وطهران وباريس، في ضوء الاتصالات الجارية بين هذه العواصم ومحورها لبنان واستحقاقاته المختلفة.
قال ديبلوماسي عربي تُشارك بلاده في اللقاء الخماسي لـ«الجمهورية» انّ «إخراج لبنان من الشغور الرئاسي أصبح على قاب قوسين او أدنى على قاعدة فصل الانتخابات الرئاسية عن سائر الازمات اللبنانية وعدم ربطها بالخلافات الداخلية، في اعتبار انّ هذه الانتخابات تشكل مدخلاً الى معالجة الازمة المالية».
وكشف هذا الديبلوماسي «أن الاتصالات قطعت شوطاً كبيراً في الاسابيع الاخيرة وان الاشتباك السياسي المستمر في لبنان لا يعكس حقيقة واقع الحال لجهة ما يحصل خارجياً».
وقال: «انّ القوى السياسية المختلفة ليست حتى اللحظة على دراية بالتطورات الخارجية، وان هناك توافقا ضمن اللقاء الخماسي على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي الذي بات يشكل خطراً على الواقع السياسي اللبناني، وانّ هناك ضرورة لإنهاء هذا الشغور كبداية لوضع المعالجات المطلوبة على المستوى المالي، وانّ التوافق سيكون شاملاً 3 نقاط: انتخابات رئاسية، تأليف رئيس حكومة، تشكيل حكومة، وذلك من اجل ان لا يدخل الوضع اللبناني في عوائق من بعد انتخاب الرئيس لجهة التكليف ولجهة التأليف لأنّ انتخاب الرئيس من دون الوصول الى حكومة يعني استمرار الوضع الانهياري على حاله، ولذلك يجب تجاوز كل المسائل العالقة المتّصلة بتشكيل السلطات الدستورية ممّا يؤدي الى انتظام العمل الدستوري المؤسساتي، لأنّ الانتخابات الرئاسية لوحدها غير كافية ـ لا بل بالعكس فإنّ المناخات الايجابية التي يعكسها انتخاب الرئيس تبقى محدودة في حال لم يُصَر الى تأليف حكومة سريعة، وبالتالي البحث جارٍ في هذه النقاط الثلاث من دون البحث في الامور الاخرى، وبالتالي نحن اليوم لسنا على مقربة من الانتخابات النيابية من اجل البحث في قانون الانتخاب ولا الامور الخلافية الاخرى، فكلّ ما هو مطلوب إعادة الحيوية الى عروق الجسم اللبنانية سياسياً ومالياً، وهذه المسألة تنحصر بانتخاب وتكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة. وبالتالي، الامور تتركّز على هذه النقاط الثلاث وقد قطعت شوطاً مهماً على هذا المستوى».
وفي هذه الأجواء تتعدد السيناريوهات محلياً حول الحراك الديبلوماسي الخليجي على رغم من أيّ مرجع سياسي او حكومي او ديبلوماسي لم يُشِر الى أي من هذه الروايات المتكررة من دون اي سند او اي معلومة يمكن التوقّف عندها، فتعزّزت الرغبات والامنيات وتجاوزت الحقائق والمعلومات.
ونُقل عن مصدر ديبلوماسي عربي في بيروت قوله لـ«الجمهورية» انّ الحراك العربي مستمر، وانّ اهتمام دول الخليج العربية بلبنان لم يعد خافياً على أحد بعد فترة من التردد لا الإهمال، كما يقول بعض المسؤولين اللبنانيين. وأضاف انّ هذه الدول مستعدة للقيام بأكثر من مبادرة وعلى اكثر من مستوى اذا لاقاها اللبنانيون في منتصف الطريق. ولفت الى انّ هذه الدول لها وزارات إعلام وخارجية ويمكنها ان تحدّد مواقفها مما يجري في لبنان والمنطقة وان تحدّد وجهة ديبلوماسييها، وانّ إمعان اللبنانيين ببعض السيناريوهات المنطقية وغير المنطقية في آن ليس له ما يبرّره بمفهومنا، وإن فعلت فعلها على الساحة اللبنانية من خلال الحرب النفسية المُعلنة التي تخوضها المكاتب الاعلامية والجيوش الالكترونية على مختلف الجبهات، فإنها تدعونا الى ضرورة عدم الأخذ بها ولا يجب ان يصدّقها أي لبناني مهما كان موقعه وانتماؤه وانها لا يمكن ان تبدل في مواقف قادتها وحكوماتها.
وختم المصدر: «لم نفهم بعد لماذا استعجال البعض لحسم بعض المواقف والخطوات فيما هم يمتنعون عن القيام بأقل واجباتهم وما هو مطلوب منهم على الاقل بالنسبة إلى الإصلاحات المالية والإدارية والقانونية التي تعزّز الحَوكمة وتواجه المأزق المالي والنقدي والمالية العامة وتحفظ شيئاً من أموال المودعين، وهي إصلاحات طلبها المجتمع الدولي لا سيما منها صندوق النقد الدولي من اجل لبنان وليس من اجل اي مؤسسة او دولة عربية او غربية او خليجية.
وعليه، لم تحسم بعد اي مرجعية معنية لا في الرياض ولا في الدوحة أيّاً من المعلومات التي تتحدث عما يمكن ان تؤدي اليه بعدما عاد السفير السعودي وليد البخاري من إجازته، وكذلك بالنسبة الى الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي الى بيروت. وسط معلومات عن لقاء سيجمع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الايراني حسين امير عبد اللهيان في نهاية الأسبوع المقبل او الذي يليه كما تَسرّب من محيطه الديبلوماسي قبل مغادرته بيروت الى طهران استناداً للعودة الى المنطقة والمشاركة في القمة السورية – الايرانية بين الرئيسين بشار الأسد وابراهيم رئيسي بعد غد الأربعاء، والذي قد تدوم إقامته في دمشق ليومين نظراً الى مجموعة الفعاليات التي يشارك فيها ويرعى بعضها.
اما بالنسبة الى الموفد القطري، فقد كشفت المعلومات التي اطّلعت عليها «الجمهورية» أنه واصَل من عاصمة بلاده الاتصالات بقيادات لبنانية مُستكملاً بعض المعطيات التي جمعها إبّان زيارته الى بيروت. واضافت انه على تَشاور دائم مع نظرائه في واشنطن وباريس وطهران بعدما شاركَ في «اللقاء الخماسي» الذي عُقد في السادس من شباط الماضي، كما مع مسؤولي عدد من الدول الخليجية ومصر. وأنه ما زال يجري تقييماً لنتائج زيارته السابقة لبيروت ولم يقرر بعد موعد عودته، ومدى الحاجة إليها والتي باتت رهناً بما سيحمله من اقتراحات جديدة، والتي وصفت حسب بعض التوقعات بأنها ستكون عملية إن اكتملت مشاوراته كما أراد منها.