يفترض أن تستجوب الوفود القضائية الأوروبية اليوم (الأربعاء)، رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في الملفّ المالي العائد لشركة «فوري» وحساباتها في المصارف اللبنانية والتحويلات المالية الخاصة بها إلى الخارج، بالإضافة إلى مدير التنظيم والتطوير في مصرف لبنان رجا أبو عسلي، إلّا أن مثول سلامة غير مضمون حتى الآن؛ إذ أوضح مصدر قضائي معنيّ بالتحقيق أن «الجواب على مذكرة استدعائه لم يأتِ بعد، ولم يتبيّن ما إذا تبلّغ أصولاً بموعد الجلسة أم لا». وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «إفادة رجا سلامة تبقى محورية وأساسية بالنسبة للأوروبيين، خصوصاً القاضية الفرنسية أو بوريزي التي تقود هذا التحقيق بإشراف قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا». وقال إن «تغيّب رجا سلامة إذا حصل لن يكون مبرراً، خصوصاً أنه استنفد فترة النقاهة الواردة في التقرير الطبي الذي تقدّم به وكيله القانوني يوم الثلاثاء في 25 أبريل (نيسان) الماضي، وأعلن أنه يعاني من آلام في الأمعاء ويحتاج إلى استراحة لمدّة ثمانية أيام»، معتبراً أن «تغيّبه عن جلسة الغد (اليوم) يعني أنه ممتنع عن التعاون مع المحققين الأوروبيين، ويدلّ على أن غيابه الأسبوع الماضي لم يكن بداعي المرض، بل تهرباً من التحقيق ومواجهة الأسئلة التي ستطرح عليه». وشدد المصدر على أن «القرار النهائي بإعادة استجواب رجا سلامة أو صرف النظر عن إفادته، أمر تقرره القاضية الفرنسية وليس القضاء اللبناني الذي ينفّذ الاستنابة».
وفي سياق متصل، علمت «الشرق الأوسط»، أن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات «تسلّم من الجانب الفرنسي، نسخة عن محاضر التحقيقات التي أجرتها بوريزي في باريس مع رئيس مجلس إدارة (بنك الموارد) الوزير السابق مروان خير الدين». وأفادت المعلومات بأن عويدات «أحال هذه المحاضر على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، لضمّها إلى الملفّ اللبناني، والاستفادة منها في جلسات التحقيق التي ستبدأ في 18 مايو (أيار) الحالي». وعمّا إذا تبلّغ لبنان باستدعاء خير الدين إلى فرنسا مجدداً، أكدت المعلومات أن «السماح لخير الدين بالعودة إلى لبنان كان مشروطاً بالمثول أمام القضاء الفرنسي كلّ شهر مرّة واحدة وبشكل دوري، ما يعني أن إعادة استجوابه في باريس مجدداً أمر طبيعي». ولفتت إلى أن خير الدين «لا يزال قيد الرقابة في لبنان، ويحظر عليه الإدلاء بتصريحات أو معلومات أو مقابلة أي من المعنيين بالتحقيقات الأوروبية، لا سيما رياض سلامة ونجله وشقيقه وماريان الحويك وآخرين». ووفق المصادر المواكبة للملفّ، فإن «المستجدات التي طرأت على التحقيقات قد تستدعي جولة جديدة، يعود للمحققين الأوروبيين تحديد موعدها إذا اقتضى الأمر استدعاءات جديدة».
واستمعت الوفود الأوروبية أمس، إلى إفادة وليد نقفور، المدقق في شركة «أرنست آند يونغ»، وأيضاً سمعان غلام صاحب شركة «غلام» للتحقيق المالي، وأفادت مصادر مطلعة على أجواء الجلسة، بأن غلام «بدا مربكاً إلى أقصى الحدود، وتمحور استجوابه حول الأموال التي خرجت من مصرف لبنان لحسابات شركة (فوري)». وأكد المصدر أن «الأسئلة الموجهة إليه ركّزت على التقرير الذي أعدّه منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 استجابة لطلب حاكم مصرف لبنان وتقاضى لقاءه مبلغ 200 ألف دولار، والذي يوضح فيه أن لا أموال دخلت إلى مصرف لبنان من العمليات الخاصة بشركة (فوري)، وأن رياض سلامة لم يستفد شخصياً من حسابات المصرف، وأن حساباته الخاصة منفصلة تماماً عن حسابات البنك المركزي». وكشف المصدر أن «معظم أجوبة غلام اقتصرت على كلمات (لا أعرف)، (لا أذكر)، (لا أعلم)، وعندما سئل عن علاقته الشخصية برياض سلامة، أوضح أنها مجرّد (علاقة عمل)، غير أن أجوبة غلام استفزّت بوريزي التي نبّهته إلى أن أقواله تتناقض مع مضمون تقريره، وطلبت منه إيداعها تقريراً خطيّاً يحتوي معلومات واضحة تجيب على كلّ أسئلتها، وأن يودعها إياه قبل يوم الجمعة (بعد غدٍ)، تحت طائلة استدعائه مرة جديدة للتحقيق وتحميله مسؤولية التهرّب من تقديم المعلومات الدقيقة».
ورغم اقتراب موعد جلسة استجوابه أمام القاضية بوريزي في باريس المقررة في 16 مايو الحالي، لم يجرِ حتى الآن تبليغ رياض سلامة رسمياً بمضمون الاستنابة الفرنسية، ووفق مصادر مقربة من القاضي شربل أبو سمرا، فإن «مثول سلامة أمام القضاء الفرنسي في باريس، لا يلغي جلسة التحقيق المقررة بملفه في بيروت في 18 مايو؛ أي بعد يومين من جلسة استجوابه في باريس».