قدّرت الأمم المتحدة حاجة لبنان إلى معونات بقيمة تناهز 3.6 مليار دولار في السنة الحالية، بهدف الاستمرار بتأمين مساعدات إنسانيّة وتدخّلات لتحقيق الاستقرار ضمن خطة الاستجابة للأزمة عبر مساهمات من المانحين تحت مظلّة المنظّمات الشريكة الإنسانيّة والحكوميّة، وشركاء تنمية. وهو الاطار الذي يجمع 118 منظّمة شريكة بهدف مساعدة الأشخاص المهمّشة في البلاد، بحسب “الراي الكويتية”.
ومع الإقرار الأممي بأن لبنان لا يزال يعاني إحدى أسوأ الأزمات في العالم منذ إندلاع الربيع العربي في سوريا قبل أكثر من 12 عاماً، استخلصت الاستطلاعات أنّ نحو 3.8 مليون شخص في لبنان بحاجة لمساعدات.
ad
وستتمّ مساعدة نحو 3.2 مليون من هؤلاء خلال 2023، على أن يصار إلى توزيع المساعدات على نحو 1.5 مليون لبناني مهمّش، و1.5 مليون لاجىء سوري، و180 ألف لاجىء فلسطيني، وبالمثل نحو 31.4 الف لاجىء فلسطيني قادم من سورية.
وبحسب تقرير محدَّث صادر عن الأمم المتّحدة، فإنّ لبنان يستضيف أكبر عدد من اللاجئين للفرد الواحد وبالكيلومتر المربّع في العالم، ما زاد من تفاقم الأزمات الإقتصاديّة، والماليّة، والإجتماعيّة، والصحيّة خلال الأعوام القليلة الماضية.
ولغاية تاريخه، إستحصل لبنان على مساعدات بلغت قيمتها 9.3 مليار دولار أميركي لمساندة اللبنانيّين المهمّشين، واللاجئين السوريّين، واللاجئين الفلسطينيّين، والمؤسّسات العامّة تحت إطار خطّة لبنان للإستجابة للأزمة.
وأشار التقرير الى أنّه وبسبب إعتماد لبنان الكبير على إستيراد السلع الأساسيّة، فإنّ تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار قد زاد من نسبة تضخّم الأسعار. كما أنّ نسبة غلاء المعيشة إرتفعت بأكثر من 652 في المئة بين شهر حزيران 2020 وشهر أيلول 2022، مع التنويه بتسجيل زيادة بنسبة 92 في المئة خلال العام 2022 وحده.
وبحسب التقرير، فقد دفع مستوى تضخّم الأسعار ومستويات الدخل المحدودة بالأُسر نحو المزيد من الفقر، ما يجعلها غير قادرة على تلبية حاجاتها الأساسيّة. فيما تبيّن الاستطلاعات أنّ نحو ربع اليد العاملة في لبنان تتلقّى رواتب أدنى من 20 في المئة من قيمة سلّات الإستمرار والحدّ الأدنى للإنفاق.
وأشارت الأمم المتّحدة إلى أنّ خطّة الإستجابة للأزمة تتمحور حول أربعة أهداف إستراتيجيّة. أولها تأمين الحماية للأشخاص المهمّشين بما يشمل اللاجئين السوريّين وغيرهم من الأفراد بحسب القوانين الدوليّة، وثانيها تأمين المساعدات الفوريّة للفئات المهمّشة من لبنانيّين، ولاجئين سوريّين، ولاجئين فلسطينيّين في لبنان، ولاجئين فلسطينيّين من سورية للتخفيف من تدهور الأوضاع الإجتماعيّة والإقتصاديّة. ثم دعم تقديم الخدمات من خلال أنظمة محليّة عبر حماية البنية التحتيّة والخدمات التي هي على وشك الإنهيار، ووصولاً الى تعزيز الإستقرار الإقتصادي، والإجتماعي، والبيئي في البلاد عبر تعزيز القطاعات المنتِجة من خلال زيادة الفرص الاقتصاديّة والمعيشيّة.
وتقدّم خطّة لبنان للإستجابة للأزمة عدّة إستراتيجيّات معتمَدة من القطاعات المختلفة. حيث يساهم قطاع المساعدات الأساسيّة في مساعدة الأفراد المحتاجين على تجنّب الوقوع في المزيد من الفقر من خلال تقديم معونات نقديّة منتظمة تكفل زيادة قدرات حصولهم على السلع والخدمات الأساسيّة. علماً ان الاحصاءات الميدانية تؤكد أن 57 في المئة من العائلات اللبنانيّة تعاني صعوبات في الحصول على مواد غذائيّة، في حين أنّ 33 في المئة من هذه العائلات غير قادرة على تأمين حاجاتها الغذائيّة الدنيا.
وتهدف الخطّة في قطاع الأمن الغذائي والزراعة إلى معالجة حاجات اللبنانيّين الذين من إنعداماً في أمنهم الغذائي عبر تحسين قدرتهم على الحصول على مواد غذائيّة صحيّة لتجنّب حالات سوء تغذية ولتعزيز الإنتاج والإنتاجيّة الزراعيّة. كذلك العمل على الحد من حالات سوء الغذاء لدى الأطفال، والمراهقين والنساء في البلاد.
وفي نطاق متصل يخص سبل المعيشة، فإنّ خطّة الإستجابة للأزمة تعمل على تقليص الصدمات الإجتماعيّة والإقتصاديّة للمجتمعات المهمّشة في لبنان من خلال مساعدات على المدى القصير والبعيد والتي ستساعدهم على تحسين مهاراتهم وفرص توظيفهم. ووفقاً للتقرير، فإنّ الإستجابة لقطاع الأمان ترمي إلى تأمين بيئة عيش آمنة للأشخاص المهمّشين في لبنان.
وبالنسبة لمقتضيات الإستجابة لأزمة التعليم، فهي تهدف إلى تحسين نظام التعليم من خلال منح الأطفال فرص لتعلّم المهارات الحديثة. أمّا لجهة قطاع الطاقة، فتهدف الخطّة إلى زيادة إنتاج الكهرباء من خلال تركيب أنظمة طاقة متجدّدة، والتشجيع على إستعمال المنتجات الصديقة للبيئة، وإعادة تأهيل وتعزيز البنية التحتيّة لشبكة الكهرباء.
وفي نطاق الشقّ الصحّي، تتوخى خطط المساعدة إزالة عقبات الحصول على رعاية صحيّة ومعلومات عن الإستشفاء والخدمات بهدف زيادة الطلب والعرض على هذه الخدمات، الأمر الذي سيفيد جزءاً كبيراً من المجتمع اللبناني. كذلك الأمر بالنسبة لقطاع المياه، حيث تهدف الخطة إلى مساندة قدرات البناء وتطوير الحوكمة المؤسساتيّة وسياسات وإستراتيجيّات أفضل، ومساعدة الفئات المهمّشة على زيادة قدرتها على الحصول على مياه.
أمّا بالنسبة لخطّة الإستجابة لقطاع الملاجىء، فهي تهدف إلى تأمين الحماية للأشخاص المهمّشين والمساهمة في تأمين الإستقرار الإجتماعي من خلال تأمين ملاجىء مناسبة. وسيعمل قطاع الإستقرار الإجتماعي على الحدّ من الإشكالات في المجتمعات والنزاعات العنيفة للحفاظ على الإستقرار في السنة الحالية.