سنة مرّت على انتخاب المجلس النيابي الذي بدل أن يتمكن من تغيير الواقع السياسي ازدادت معه التعقيدات السياسية بفعل ما أنتجته الإنتخابات من توازنات يصعب معها ترجيح كفة على كفة بدون حوارات تنتج توافقات على معظم الملفات. فتجارب السنة الأولى المنصرمة من ولاية المجلس خير دليل على أن الحلول للأزمات لن تكون بغير التوافق المبني على “جمال التسوية”، التي لطالما كرر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الدعوة إليها مرارا. ومساء اليوم سيكون لجنبلاط إطلالة إعلامية على محطة LBCI سيتناول فيها موقفه من مجمل الملفات المحلية والإقليمية.
وفي وقت لا تزال بعض القوى عند مواقفها المتصلبة، فإن الأوساط السياسية تترقب جملة معطيات ستتظهر في الفترة القريبة المقبلة، خاصة ما سيصدر عن القمة العربية في الرياض وما إذا كان بيانها الختامي سيتطرق الى الملف اللبناني وفي أي سياق ستأتي إشاراته، على أن التسوية الرئاسية لن تتم قبل أن تجرؤ كل القوى السياسية المعنية على الذهاب جدّيا نحو طاولة التوافق.
عضو كتلة تجدد النائب أديب عبد المسيح رأى في حديث إلى جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن لا خيار لدى النواب اللبنانيين سوى الذهاب لانتخاب رئيس جمهورية لمواجهة الاستحقاقات الداهمة وعلى رأسها تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. لكن هذا الأمر لن يتم إلا من خلال ضغط دولي وعربي على الفريق الذي يمعن بتعطيل هذا الاستحقاق وهو المسؤول عن تمديد الأزمة.
عبد المسيح تطرق إلى لقاءات السفير السعودي وليد البخاري التي تصب كلها في مصلحة لبنان، كما قال، مضيفا أن ترك الخيار الى اللبنانيين وإعلان السعودية أن لا فيتو لديها على أحد من المرشحين مسألة جوهرية كان ينبغي على القوى السياسية تلقفها والتوافق على اسم الرئيس الذي ينتشل لبنان من أزمته. لكن المعطلين ما زالوا على نهجهم التعطيلي بانتظار الضغوط الخارجية.
وفي موضوع القمة العربية، تمنى عبد المسيح أن تساعد هذه القمة على حل الأزمة اللبنانية من خلال مطالبة الدول المؤثرة بالضغط على المعطلين لتسهيل انتخاب الرئيس، لكنه استبعد حدوث أي خرق من اجتماع اللجنة الخماسية، اذ لو كان هناك أمل بقدرة اللجنة على الحل لكان السفير البخاري وضعنا في صورة هذا الاجتماع.
وفي موضوع النزوح السوري، دعا عبد المسيح الى تشكيل جبهة داخلية كبيرة للضغط على المجتمع الدولي والعربي لحل هذه المشكلة خاصة، وسأل: “كيف يمكن لدولة مثل لبنان أن تطالب بعودة النازحين الى ديارهم ونوابها عاجزون عن انتخاب رئيس جمهورية؟”.
إلا أن ملف النازحين السوريين لا يحل بطريقة اللجان، بل عبر قرار واضح من الحكومة اللبنانية بتحمل الوزارات المعنية لمسؤولياتها وضبط مسألة السوريين في لبنان عبر القيام بمسح شامل لمن هم يد عاملة وتنظيم اوضاعهم بحسب قانون العمل، ومن هم هاربون من القمع في سوريا وترتيب وجودهم في مخيمات تتولى المنظمات الدولية بالتنسيق مع الدولة اللبنانية الاهتمام بها، على أن يتم العمل بالتوازي على مسألة الضغط للحل السياسي في سوريا أو لجهة توفير العودة الآمنة للنازحين. لكن هذا الملف لا يبدو قد سلك الطريق الصحيح، شأنه شأن الاستحقاق الرئاسي وغيره من الملفات، وهذا كله يضع الواقع اللبناني تحت مزيد من الأثقال إلى أن يقضي الله أمر المعطلين فيخرجوا من خلف متاريس مواقفهم رأفة باللبنانيين.