بعد القمة العربية، التي حملت عنوان قمة الرياض للتعاون والتنمية، والتي عقدت في مدينة الرياض، جاءت قمة جدة التي كرَّست هذا التوجه، لجهة ربط التنمية بالأمن والاستقرار، لتأمين العيش بسلام كحق من الحقوق الطبيعية للإنسان العربي، بقي السؤال نفسه؛ متى ينتخب رئيس للبنان، وهل ثمة خارطة طريق عربية لإنجاز هذا الإستحقاق أو هل يتعدى الأمر شهر حزيران المقبل، ومن هو الرئيس المقبل؟
والاسئلة على هذا النحو تتناسل، بصورة من شأنها أن تجعل من المشهد قاتماً، أو محافظاً على قناعته، تشبه قتامة المسؤولين عما آلت اليه الأوضاع.
في المعطيات، وضعت القمة قاعدة عامة للتعامل مع الأوضاع العربية، وتقضي بـ «حماية سيادة دولنا وتماسك مؤسساتها، والمحافظة على منجزاتها، وتحقيق المزيد من الارتقاء بالعمل العربي…».
ومن هذه الزاوية، يمكن فهم الطريقة العربية الجديدة في التعاطي مع الوضع اللبناني، لجهة «تماسك المؤسسات»، لجهة ملء الفراغ في الرئاسة الاولى، فلا يمكن الكلام عن مؤسسات او تماسكها، خارج انتخاب الرئيس، ضمن شرط بدهي ان «يرضي طموحات اللبنانيين»، وهذه العبارة، الفضفاضة، على ما تحمله في طياتها من رغبة في طي صفحة، وفتح صفحة في الحياة السياسية اللبنانية، بقيت حمَّالة أوجه، لجهة تحديد الطموحات التي تُرضي المواطن اللبناني، وليس الطبقة السياسية اللبنانية، التي يتحمل بعضها مسؤولية مباشرة عما آلت اليه الأوضاع…
ربطت القمة بين انتخاب الرئيس، وسلسلة الخطوات الأخرى المطلوبة، للخروج من الازمة، اذ لا خروج من الازمة بدون انتخاب الرئيس، كمقدمة اولى «لانتظام عمل المؤسسات الدستورية»، بمعنى تأليف حكومة جديدة، تمثل طموحات اللبنانيين، سواء لجهة رئيسها او الوزراء او البرنامج، أو آلية التعاون بين المؤسسات الدستورية لا سيما مجلس النواب، والتعاون مع مجموعة الدعم الدولية التي تضم القوى الدولية الكبرى، والدول العربية واسعة التأثير والنفوذ، باتجاه تحقيق الاصلاحات المطلوبة، بدءاً من اقرار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ووضع البرامج والقوانين على الطريق الصحيح.. كقوانين الكابيتال كونترو، واستعادة الأموال المنهوبة، والدمج المصرفي الخ… ربطاً بخطة التعافي الاقتصادي..
على ان المهم، ما الدور العربي في وضع هذه الخارطة موضع التنفيذ؟
حسب المعلومات المتوافرة، لم يُبلَّغ الجانب اللبناني بأي توجه عملي، على هذا الصعيد، باعتبار ان فترة سماح قصيرة، تُركت للقوى اللبنانية للتفاهم على كيفية التوافق عبر الحوار، او التحاور، لوضع صيغة تسمح بالتوجه الى المجلس بمرشحين او ثلاثة او اكثر للاقتراع، وفقا لنصوص الدستور، والأعراف الضامنة للوصول الى نتائج عملية.