الى باريس درّ، هكذا يمكن وصف الحراك السياسي لملء الشغور الرئاسي بعد تعثر المفاوضات بين أجنحة المعارضة المتمثلة بالقوات اللبنانية والكتائب وعدد من النواب التغييريين والمستقلين، الذين انبروا الى فتح حوار مع التيار الوطني الحر من أجل التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يأتي رداً على تمسك الثنائي الشيعي بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
ولقد بات معلوماً أن التكتلين المسيحيين الكبيرين، وهما تكتل الجمهورية القوية وتكتل لبنان القوي يعارضان هذا الخيار ويعملان جاهدين لعدم وصول فرنجية الى بعبدا. وهذا كان الدافع للقاء الأضداد من خلال التوافق على شخصية تتوافق عليها القوى المسيحية المعنية أكثر من غيرها بهذا الاستحقاق.
وبالرغم من الاشارات الايجابية التي أوحت بقرب التوصل الى قواسم مشتركة بين الأطراف المشار اليها، وذلك من خلال طرح اسم الوزير السابق جهاد أزعور، الذي يُعتبر على مسافة واحدة من الجميع، فوجئ الجميع برفض التيار لأزعور، ما طرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل المفاوضات مع التيار البرتقالي.
مصادر سياسية على صلة بالمحادثات التي جرت بين القوات والتيار لخّصت في اتصال مع “الانباء” الالكترونية الأسباب التي أدت الى وصول المفاوضات بين الطرفين الى طريق مسدود بالاشارة الى محاولات التيار الهروب الى الأمام عند كل عملية تقاطع بينهما، اضافة الى الحملة التي شنّها مناصرو التيار على رئيس القوات سمير جعجع، ما أدى الى حدّ اتهام القوات للتيار بالمناورة وشراء الوقت من قبل النائب جبران باسيل، الذي ما زال يراهن على اعادة تسوية وضعه مع حزب الله، وهو لا يريد الطلاق مع حارة حريك.
المصادر لمّحت الى عدم رغبة باسيل بالخروج من تحت عباءة حزب الله، لأن حساباته تقول أن خسارته مع المعارضة حتمية حتى في حال اتفق معها على اسم الرئيس، بينما حزب الله لم يخذله منذ تفاهم مار مخايل في شباط 2006.
في هذا السياق، علّق النائب السابق وهبي قاطيشا على وصول المفاوضات مع باسيل الى طريق مسدود، لافتاً في حديث في جريدة الانباء الالكترونية الى “محاولات رئيس التيار البرتقالي المتكررة بالتذاكي علينا، وعلى هذا الأساس استمرينا معه بالعموميات من دون الدخول في الأسماء الا بعد التأكد من صدق نواياه والالتزام المكتوب بما يتفق عليه. وكنا نتوقع دائماً أن مجرّد طرح الأسماء لن يتردد باسيل بالمساومة عليها وبيعها لحزب الله من حسابنا الخاص، لأنه لن يخرج من تحت عباءة حسن نصرالله، خاصة بعد تأكده أن أحزاب المعارضة لا تثق به فهو يحاول التشاطر والبيع والشراء هكذا كان في كل مسيرته السياسية وهكذا سيبقى، وهو دائما يحب التموضع في الوسط وهو يعرف من أين تؤكل الكتف”.
قاطيشا لفت الى رغبة باسيل الشديدة بلقاء نصرالله لكن الأخير لم يحدد له موعداً بعد لأنه غير مستعجل للقائه، ويأمل باسيل أن ينتزع منه وعداً اما بالرئاسة بعد انتهاء ولاية فرنجية أو بحصة وازنة في الحكومة التي قد تتشكل في حال وصول فرنجية الى بعبدا، متوقعاً أن يبلغ باسيل موقفه هذا الى مساعد الرئيس الفرنسي للشؤون الخارجية باتريك دوريل في لقائه المرتقب معه من أجل التوسط بينه وبين حزب الله، ومعلوم أن دوريل سيلتقي البطريرك الماروني مار بشارة الراعي بعد أيام في باريس.
من جهة ثانية، وفي ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أشار قاطيشا الى أن لا قدرة للأنتربول الدولي على توقيف سلامة، متوقعاً أن يستمر في مهامه حتى اخر يوم من ولايته.
حكومياً، لم تسفر محادثات اللقاء الحكومي التشاوري، الذي عقد أمس في السراي الحكومي، للبحث بقضية سلامة عن أي جديد يذكر.
وفي هذا السياق، علمت “الأنباء” من مصادر قضائية أن لبنان لن يسلّم سلامة الى القضاء الفرنسي. وأن قرار التسليم من عدمه هو قرار سياسي كونه يحمل تواقيع رئيسا الجمهورية والحكومة ووزيري العدل والمالية. وفي غياب رئيس الجمهورية يعود لمجلس الوزراء مجتمعاً أن يقرر تسليمه أم لا. وأن مدعي عام التمييز غسان عويدات كلّف القاضي عماد قبلان الاستماع الى سلامة.
وفي المعلومات فان قبلان قد يسلّم سلامة مذكرة الانتربول التي تطالب بتوقيفه وربما يقوم بحجز جوزات سفره، فاما أن يتركه رهن التحقيق أو يتركه بسند ثم يطلب ملف استرداده.
اذا لن يحمل ملف سلامة أي تطور جديد داخلياً، وسينهي ولايته حتى اليوم الأخير. وكذلك على خط الرئاسة لا خروقات تُذكر حتى الساعة.