في وقت استهل فيه الحزب التقدمي الإشتراكي أولى الاجراءات العملية تحضيراً لاستحقاقه الانتخابي الداخلي في الخامس والعشرين من هذا الشهر بإعلان فتح باب الترشيحات، غير أن الاستحقاقات الانتخابية الوطنية مؤجلة بفعل الحسابات السياسية الجد ضيقة، والتي تمعن في تعميق أزمات البلد ودفعه أكثر في متاهات يصعب إخراجه منها، لا بل تضعه في فوهة المزيد من الصراعات التي لا يحتملها على الإطلاق.
ومع التعقيدات المتزايدة في استحقاق رئاسة الجمهورية فإن الأوساط السياسية تترقب نتائج لقاءات البطريرك الماروني مار بشارة الراعي في كل من الفاتيكان وباريس. في هذا الإطار لفتت مصادر مواكبة الى كلام الراعي لوفد نقابة الصحافة وفيه إشارة واضحة لتغييرٍ في الخطاب السياسي الذي كان قائما قبل لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وإبلاغه اسم المرشح جهاد أزعور المدعوم من الأحزاب المسيحية الثلاثة الكبرى القوات والكتائب والتيار الوطني الحر، بما يوازي أكثر من 35 نائبا مسيحيا على أقل تقدير، واعتبرت المصادر وفق ذلك أن الراعي في ضوء ما لمسه في لقاءاته أكد بأنه هو من سيقوم بالتواصل مع القوى السياسية بما فيها الرئيس نبيه بري وحزب الله.
المصادر أشارت عبر جريدة الأنباء الالكترونية إلى أن الراعي سوف يبدأ التواصل مع الكتل النيابية مطلع الأسبوع المقبل، آملة أن تفتح زيارته المرتقبة الى عين التينة أبواب مجلس النواب الموصدة منذ ما يزيد عن أربعة أشهر لانتخاب الرئيس.
في السياق نفسه أكد النائب غسان سكاف في حديث إلى جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن ترشيح أزعور أصبح سالكاً، وقال: “لقد استطعنا بالتعاون مع الأحزاب المسيحية أن نتوافق على أزعور كي نحدث خرقاً في هذا الموضوع وكسر الجليد الذي كان قائماً”، لافتاً إلى أن “أزعور هو مرشح توافقي وليس مرشح تحد”، وأنه “يمثل الضمير المسيحي بعد إجماع كل المكونات المسيحية على تأييده باعتباره استحقاقا مسيحياً بامتياز”، وفق تعبيره.
وعن موقف نواب التغيير والمستقلين من ترشيح أزعور، لفت سكاف إلى أنه تواصل معهم “وكانوا بانتظار التوافق بين القوات والتيار”، ورأى في ضوء ذلك أن “البطريرك الراعي يملك من الحنكة والدبلوماسية ما يجعله يطرح موضوع الدعوة لجلسة انتخابية على الرئيس بري وأن يلقى الجواب الذي يريد”، مشددا على “ضرورة التئام المجلس وانتخاب الرئيس لإنقاذ البلد، وإلا سنكون ذاهبين الى الهاوية وخراب البلد”.
وطالما أن المشهد المرتسم حتى الساعة يتسم باستقطاب حاد بين القوى المسيحية من جهة والثنائي الشيعي من جهة أخرى، فإن القلق لم يعد يقتصر على تداعيات الشغور الرئاسي وما يحصل من انهيار في قطاعات الدولة، بل بات ينذر بانفجار طائفي خطير يوقع البلاد في المحظور، إذا لم تنجح المساعي في غضون الايام القليلة المقبلة على نزع فتيل هذا الاستقطاب ونزع صاعق تفجير الاستحقاق الرئاسي والذهاب به إلى توافق حقيقي.