يؤكد مطّلعون على مسار الطبخة الرئاسية أنّ تلاقي قوى المعارضة المسيحية ونوّاب “التغيير” والتيار الوطني الحرّ والنواب المستقلّين، مضافاً إليهم وليد جنبلاط، على اسم كالوزير السابق زياد بارود مثلاً أو من يماثله بالحياد، كان سيُصعّب كثيراً مهمّة الثنائي في فرض السير بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية والاستمرار بالمناورة لأشهر إضافية.
رَفَضَ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بارود ومشى بعد فترة تردّد بأزعور. باسيل فضّل بارود، لكنّه أيضاً مشى بأزعور فـ”المهمّ الإطاحة بفرنجيّة”. وحزب الكتائب رأى فيه البروفيل الملائم للمرحلة وإن علا صراخ النائب نديم الجميّل “مش عارفين بعد إذا مرشّح للرئاسة أو لا”.
تفيد المعلومات أنّ الحزب أبلغ أزعور مباشرة أنّ “فرنجية هو مرشّحنا الثابت، ولتكن اللعبة ديمقراطية”، مع تأكيد أنّ المشكلة الكبرى هي في الفريق الداعم له أكثر بكثير من المآخذ على “سيرته” ومواقفه المُبهمة حيال مرحلة ترسيم الخيارات السياسية
في المقابل، لم يمشِ أحد من النوّاب المعارضين لفرنجية بأزعور عن معرفة بشخصه، والبعض منهم تعرّف عليه عبر “سكايب” أخيراً. أزعور المبتعد كلّياً عن “السيرك” السياسي في لبنان والمُطبَّع بعقليّة “الخارج” في الإدارة والحوكمة، شكّل لداعميه سلاحاً ثقيلاً ومقنعاً للمجتمع الدولي بوجه الثنائي الشيعي شبه المعزول سياسياً أكثر بكثير من كونه “رجل المرحلة” الآتي من صلب غرفة العمليات لصندوق النقد الدولي، خصوصاً أنّ عدداً من داعميه لديه مآخذ جدّيّة في شأن سياسات IMF أساساً، إضافة إلى طبيعة المرحلة هي الأكثر خطورة في تاريخ لبنان.
بالنتيجة، بعد أشهر من المفاوضات التقى المعارضون على اسم مرشّح سيخوضون من أجله منازلة مصيرية ضدّ فرنجية الأربعاء المقبل. وصل الأمر بأحد نوّاب التغيير، الذي أجرى حواراً على سكايب مع أزعور قبل أيام، إلى حدّ التسليم بأنّ ” بصرف النظر عن خبرته السياسية التي لا نعرفها التي لا تعوّضها خبراته في المجالين المالي والاقتصادي. مع ذلك هو مرشّحنا لإسقاط فرنجية وربّما لرئاسة الجمهورية إذا ساعدنا سكور الأصوات ونصاب الثلثين للحضور وقرار خارجي مبطّن بتغطية وصوله إلى قصر بعبدا”.
في ميزان الثنائي الشيعي يتقاطع فرنجية وأزعور عند نقطة تلاقٍ واحدة: هما مرشّحان آتيان من الشمال اللبناني. الأوّل من زغرتا والثاني من الضنّية، ولا قواسم مشتركة أخرى. نوّاب حركة أمل يصفون أزعور بـ “الخيار التعطيليّ والتخريبيّ” ونواب الحزب يرون فيه “مرشّح الخضوع والإذعان والاستسلام”.
في ميزان الثنائي الشيعي يتقاطع فرنجية وأزعور عند نقطة تلاقٍ واحدة: هما مرشّحان آتيان من الشمال اللبناني. الأوّل من زغرتا والثاني من الضنّية، ولا قواسم مشتركة أخرى
جلسة “تكسير الرؤوس”
في السياق العامّ تكتسب معركة الثنائي ضدّ مؤيّدي جهاد أزعور الأربعاء المقبل طابع “تكسير الرؤوس”.. إذا لم يتمّ تأجيل جلسة الانتخاب. والسؤال الكبير الذي تردّد في الأروقة الداخلية أخيراً: هل قرّر الثنائي الشيعي خوض معركة تكريس الحجم النيابي لفرنجية على قاعدة “اللهمّ إنّنا حاولنا”، مع العلم المسبق بصعوبة تخطّيه لرصيد أزعور بالأصوات.
يكمن رفض الثنائي القاطع للسير بخيار أزعور أوّلاً في تمسّكهم بسليمان فرنجية، وثانياً في اعتبار أزعور مرشّح قوى 14 آذار، بغضّ النظر عن “خطيئة” باسيل في تأييده.
يقول مصدر قريب من الحزب لـ “أساس”: “تختلف منطلقات تأييد برّي والسيّد حسن نصرالله لسليمان فرنجية. الأوّل يرى فيه مظلّة سياسية حامية لاستمرارية إمبراطوريّته داخل الدولة العميقة، أقلّه على مدى السنوات الستّ المقبلة، وهي المرحلة التي ستشهد ترتيب خروج “الأستاذ” نهائياً من ملعب السلطة من دون وجود وريث حتى الآن يلوح بالأفق. والحزب، في المقابل، تعاطى مع فرنجية منذ عام 2016 لدى انتخاب ميشال عون بصفته المرشّح الأوّل والأوحد بعد “الجنرال”، فكيف الحال إذا صنّفه مسار الربح والخسارة في المنطقة منتصراً وفارضاً للشروط. أمّا أزعور بشخصه فيرى فيه الحزب وديعة أميركية داخل قصر بعبدا “زرّه” الفعليّ في واشنطن، وليس وسياساته الماليّة الإصلاحية ووصوله يشكّلان هزيمة مباشرة لسلسلة مكتسبات راكمها منذ عام 2006 وأدخلته نادي “تطويب” رؤساء جمهورية غير معادين لمحور المقاومة”.
وفق معلومات “أساس” لم يؤدِّ اللقاء الذي جَمَع أزعور مع أحد نواب كتلة الوفاء للمقاومة قبل أسابيع إلى أيّ تبدّل في نظرة الحزب إلى ترشيح “الموظّف” في صندوق النقد الدولي التي تمثّل مرحلة كرّست، برأي مقرّبين من الحزب، مشروع انقلاب حقيقي على المقاومة.
الحزب لأزعور: بدنا فرنجيّة
تفيد المعلومات أنّ الحزب أبلغ أزعور مباشرة أنّ “فرنجية هو مرشّحنا الثابت، ولتكن اللعبة ديمقراطية”، مع تأكيد أنّ المشكلة الكبرى هي في الفريق الداعم له أكثر بكثير من المآخذ على “سيرته” ومواقفه المُبهمة حيال مرحلة ترسيم الخيارات السياسية.
آنذاك لم يكن التيار الوطني الحر قد اصطفّ نهائياً إلى جانب جهاد أزعور ولا التحقت كتلة جنبلاط بمعسكر المؤيّدين لوزير المال السابق، وكان ثمّة رهان من قبل الحزب على جذب أصوات إضافية لصالح فرنجية.
فعليّاً في كواليس الحزب من كان يحذّر من معادلة مسيحية ثلاثية، مارونية تحديداً، قد ترسمها تطوّرات المرحلة في حال لم يتمّ التمسّك بترشيح فرنجية. تقول شخصية قريبة من الحزب: “تخيّلوا أزعور رئيساً للجمهورية وحكومة تكنوقراط كرئيسها، ثمّ يُعيَّن قائد للجيش وحاكم لمصرف لبنان وفق خيار أميركي محض”.