من الواضح أن جلسة الاربعاء الإنتخابية لن تسمح لأي من المرشحين، سواء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أو الوزير السابق جهاد أزعور، بالتربع على عرش الرئاسة، في ضوء التعارض السياسي القائم والذي من شأنه أن يطيح بالاثنين معا، ويشق الطريق الى مرشح ثالث، مؤهل للوصول الى قصر بعبدا، المهجور منذ ثمانية أشهر؟
والمطروح أن يكتمل نصاب الجلسة الاولى، ومن دون حصول أي منهما على الاصوات المطلوبة للفوز في الجلسة الأولى، بعدئذ يصار الى تطيير النصاب في الجلسة الثانية كما في الدورات السابقة، بانسحاب نواب «الممانعة»، وبعدها بسحب «التيار الوطني الحر» تأييده لأزعور بما يعيده، من حيث حجم الأصوات، إلى مستوى حاصل أصوات فرنجية، ويتكون في ذلك، مدخل للمرشح الثالث الذي تحدث عنه الرئيس السابق ميشال عون، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق. وأفادت معلومات صحافية أن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل فاتح نوابه، الخارجين منهم عن ارادته، بشأنه، سعيا الى إقناعهم، لأن تسمية أزعور هي فقط لإسقاط فرنجية.
أما النواب المترددون، من التغييريين والسياديين، الذين من المفترض أن ينضوون في الخط المعارض، ويدعون التغيير والإصلاح، ويرفضون التصويت لأي مرشح، فلديهم خيار آخر كما يبدو، وينتظرون الفرصة المناسبة للإفصاح عنه، ويكتفون بالإشارة الى مرشح ثالث، هو في الغالب قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يحظى بتقدير دولي وإقليمي وداخلي كبير، بعد اختبار قيادته للجيش وحمايته له من «كوفيد» السياسيين الذي اربك وزعزع كل مؤسسات الدولة الاخرى، عدا فريق «الممانعة»، وبالتحديد «حزب الله» الذي يريد رئيسا يؤمن بثلاثية: الشعب والجيش والمقاومة وحسب.
إلى ذلك، أعلن النائب عبد الرحمن البزري أنه والنائبين أسامة سعد وشربل مسعد، ومعهم بعض النواب التغييريين كإلياس جرادة وملحم خلف ونجاة صليبا وسنتيا زرازير وغيرهم، إضافة الى نواب عن مدينة بيروت وتكتل «الاعتدال الوطني» في الشمال والذي يصل عددهم الى ما يقارب 15 نائبا وبعد مشاورات ولقاءات سوف نعلن قريبا عن اسم مرشحنا للرئاسة الأولى كخيار ثالث في محاولة لإعادة الاستحقاق الرئاسي الى سياقه الوطني بعد أن أخذ منحى مذهبيا وطائفيا.
وإذ رفض البزري الكشف عن اسم المرشح، أكد في حديث لـ«الأنباء» الكويتية، أن التوجه لدينا نحن النواب الذين تلاقينا وتشاورنا مع بعضنا البعض نحو خيار آخر، بعد أن رأينا الاستقطاب الحاصل تجاه الملف الرئاسي، عوضا أن يكون هذا الاستحقاق مناسبة لإدخال لبنان في بداية الحل السياسي والإصلاح المنشود، نرى أن هناك تموضعات متشددة جدا، تأخذ طابع الاستقطاب المذهبي والطائفي، من هنا قلنا أن المشروع الأساسي هو إعادة بناء الدولة، على أمل أن يجد مرشحنا تقاطعات وتأييدا من كلا المتوضعين.
وردا على سؤال عن ردود الفعل المتوقعة على الخيار الثالث رأى البزري أنه من الممكن أن يشكل نقطة التقاء بين الفريقين المتموضعين، لأن عليهما أن يقتنعا بأنه ليس بإمكان أي منهما تحقيق الاستحقاق الرئاسي وحدهما، وهما لديهما الاقتناع ذاته.
واعتبر البزري أن وصول أي من المرشحين صعب، عندها يصبح الخيار الثالث، وبالتالي نذهب الى رئيس يمكن أن يشكل نوعا من التفاهم عليه وليس بالضرورة أن يجتمع عليه 128 نائبا. لافتا الى أننا كنواب التقينا ولم نتقاطع لأن تقاطعنا لا يشبه أي تقاطع آخر، وقلنا إن الانتخابات الرئاسية أهميتها الوطنية انها تعيد حركة ما يسمى تفعيل الحياة الدستورية، بعد أن بدا لنا أن هناك اتجاها منحاه تصعيدي وتصاعدي، لذلك حاولنا إعادته الى سياقه الوطني.
وأكد البزري أن المطلوب رئيس للجمهورية يمثل طموحات الشعب اللبناني، وأن يكون الاستحقاق الرئاسي مناسبة لخروج لبنان من أزمته السياسية العميقة، وأزمته الاقتصادية والمعيشية التي طالت كل مواطن لبناني. والمشكلة ليست في المرشحين فرنجية وأزعور فكليهما يملكان مواصفات جيدة مثل أي مرشح لديه حسنات وتحفظات عليه، انما المشكلة في الاستقطاب الحاصل حولهما، وهي ظاهرة ديموقراطية لكنها غير صحية.
وأضاف: نحن نعرف إن كان الأشقاء العرب تحديدا وأصدقاؤنا الاقليميون في المنطقة، وصولا الى الدول الأوروبية الصديقة ومن بينها فرنسا والدول الكبرى عندها تحفظات على آلية عمل الإدارة السياسية في لبنان التي أدت الى انهيار البلد وإفلاسه وإفلاس المواطن اللبناني وخراب الاقتصاد وتدمير المؤسسات، لذلك نحن نأمل أن أي وساطة كانت عربية أو فرنسية أو أميركية وأوروبية، صديقة أو شقيقة، أن تأخذ بعين الاعتبار أن الموضوع ليس فقط تكتلات نيابية وأحجامها، بل أن هناك مأزقا حقيقيا يجب أن نستغل فرصة الانتخاب الرئاسية لنكون قد وضعنا الخطوة باتجاه إعادة بناء الدولة على أسس سليمة.