كلفت حكومة تصريف الأعمال في الاجتماع الوزاري الذي عقدته الأربعاء، وزير الخارجية عبد الله بو حبيب بمهمة التواصل مع الجهات المعنية في سوريا للبحث في ملف عودة اللاجئين السوريين ولتحديد موعد الزيارة الرسمية قريبًا، على أن يتم تبليغ الأمانة العامة رسميًا بالقرار، لأن الوزير بو حبيب لم يحضر الاجتماع، وفق ما اكّد لـ”المدن” وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين.
ويقول شرف الدين إن زيارته التحضيرية إلى سوريا قريبة جدًا، بهدف ترتيب كامل تفاصيل زيارة الوفد اللبناني الرسمي، برئاسة وزير الخارجية والذي سيضم كلاّ من: وزير شؤون المهجرين، وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، وزير العمل مصطفى بيرم، وزير الثقافة محمد مرتضى، وزير الزراعة عباس الحاج حسن، إضافة إلى مندوب مديرية الأمن العام ومندوب مجلس الدفاع الأعلى.
وأوضح شرف الدين أن زيارته التحضيرية إلى دمشق ستكون في هذين اليومين وسيبحث فيها الملفات التالية: خدمة العلم السورية، مكتومو القيد، الترحيل الآمن وفتح الحدود مع التسهيلات ليوم العودة الاختيارية مرة في كل اسبوع .
المفوضية تتوجس
توازيًا، وفي حديث “المدن” مع المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR) ليزا أبو خالد تعليقًا على خطة الحكومة التي تهدف إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى لبنان بالتنسيق المباشر مع دمشق، تقول: “حسب عمليات المسح الأخيرة التي أجرتها المفوضية، فإن اللاجئين في البلدان المجاورة، بما في ذلك لبنان، يعربون عن مخاوف تتعلق بالأمن، وقدرتهم على استعادة ممتلكاتهم، والتجنيد وغيرها من المسائل الرئيسية المتعلقة بالحماية والتي تحتاج إلى معالجة في سوريا. تواصل المفوضية العمل مع الحكومة السورية، مع التأكيد على أنه لا يمكن للاجئين اتخاذ القرار بالعودة ما لم يكونوا واثقين من أن هذه العودة ستتم بطريقة آمنة وكريمة”.
في غضون ذلك، وإلى أن تصبح العودة المستدامة ممكنة، بحسب أبو خالد، “لا بد من مواصلة تقديم الدعم إلى لبنان وتعزيز عمليات إعادة التوطين والمسارات التكميلية”.
وتعود إلى ما قاله المفوض السامي غراندي في المؤتمر الأخير في بروكسل الذي “أتاح فرصة مهمة للتعهد بتقديم الدعم إلى اللاجئين والنازحين السوريين والدول المضيفة لهم”. أشار إلى أن “المسؤولية الرئيسية عن اتخاذ الخطوات الملموسة اللازمة لبناء هذه الثقة تقع على عاتق الحكومة السورية.”
ودعا غزاندي إلى مواصلة احترام المعايير الدولية للاجئين وحماية أولئك الذين فروا من سوريا. وتذكر بما قاله: “يتزايد شعور اللاجئين في بعض البلدان بالخوف بسبب الخطاب المناهض للاجئين، فضلاً عن مشاعر القلق جرّاء الدعوات التي تصر على ضرورة عودتهم إلى ديارهم الآن”.
بعد مرور 12 عاماً على الأزمة السورية، تذكر أبو خالد بأن الاحتياجات الإنسانية بلغت أعلى مستوياتها. فـ”أكثر من 6.8 ملايين مواطن سوري لا يزالون نازحين داخل بلادهم، و70% من السكان (أكثر من 15.3 مليون) بحاجة إلى مساعدات إنسانية و90% يعيشون تحت خط الفقر. كما أن أكثر من 5.5 ملايين مواطن سوري لا يزالون لاجئين في الدول الخمس المجاورة وينزلقون أكثر فأكثر إلى براثن الفقر. ومع مرور كل عام، تصبح الحياة أكثر صعوبة على السوريين سواء داخل بلادهم أو خارجها”.
وبحسب تقديرات الحكومة الرسمية، يستضيف لبنان 1.5 مليون لاجئ سوري، من بينهم 805,326 مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (المفوضية). وتضيف: “لبنان يعاني من أزمات متعددة ويحتاج إلى دعم حيوي، وذلك لدعم كل من اللاجئين والعائلات اللبنانية”.
وسبق أن تحدث المفوض السامي عن الجهود الملحوظة التي تبذلها الدول المضيفة – مصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا – إذ “لا يزال أكثر من 6.8 ملايين لاجئ سوري يعيشون معاناة فائقة. فهم قد تضرروا – مع مضيفيهم والمجتمعات المضيفة – بشدة جرّاء عوامل خارجة عن سيطرتهم وصدمات وأزمات عالمية. فكما سمعنا من وفود البلدان المضيفة هذا الصباح، الواحد تلو الآخر، فإن استنزاف صبر المجتمعات المضيفة يتزايد يوماً بعد يوم.”
مشاركة البيانات
وبينما يقول الجانب اللبناني أن المفوضية سبق أن وعدت بتسليم الحكومة الداتا الخاصة باللاجئين السوريين، توضح ليزا أبو خالد: “أجرت المفوضية والسلطات اللبنانية مناقشات بنّاءة ومستمرة حول التدابير المشتركة لمعالجة الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه اللبنانيون واللاجئون. ويبقى هدفنا الأول والأخير هو مساعدة وحماية الفئات الأكثر احتياجاً، بما في ذلك اللاجئون والمجتمعات المضيفة لضمان استمرار الالتزام بمبادئ القانون الدولي”.
لذلك، و”كجزء من الولاية الموكلة إلينا والمتعلقة بالحماية، تواصل المفوضية الانخراط في مقترحات بناءة لتحسين وضع اللاجئين في لبنان وضمان حمايتهم. وتشمل المناقشات عمليات التسجيل ومشاركة البيانات والإجراءات ذات الصلة”.
وتضيف: “تتبادل المفوضية والحكومة اللبنانية بالفعل بيانات اللاجئين السوريين المسجلين. والبيانات التي يتم تشاركها هي البيانات الشخصية الأساسية، وذلك بعد الحصول على موافقة الأفراد المعنيين”.
وتقرّ المفوضية، وفق أبو خالد، بمصلحة الحكومة اللبنانية المشروعة في معرفة من يتواجد على أراضيها، وترحب بالتالي بالمناقشات التي جرت على مدى الأشهر الماضية حول مسألة مشاركة البيانات، بناءً على طلب الحكومة اللبنانية. فقد “اجتمعت المفوضية مع المديرية العامة للأمن العام لمناقشة هذه المسألة عدة مرات وشكلتا لجنة تقنية للمضي قدماً في هذا الاتجاه مع الالتزام بالمبادئ الدولية لحماية البيانات والخصوصية”. وبناءً على طلب الطرف اللبناني، “تم تقديم اقتراح من خلال مذكرة شفهية إلى الحكومة من قبل المفوضية بهدف تلبية احتياجات الحكومة اللبنانية، مع احترام معايير حماية البيانات والخصوصية. تنتظر المفوضية حالياً الرد وتبدي استعدادها للمشاركة البناءة في أي مناقشة مطلوبة”.