خشية من هذا الأمر

في زمن الإتحاد السوفياتي، كان مألوفاً القول: “إذا أمطرت في موسكو ارتفعت المظلات في بيروت”. وفي زمن الإتحاد الروسي، ارتفعت مخاوف محور الممانعة عندما تدهورت أحوال نظام فلاديمير بوتين بفعل تمرّد مجموعة “فاغنر”. فهذه المجموعة شارفت في زحفها على الوصول الى موسكو، ما بدا معه أنّ هذا النظام معرض للانهيار. ورصدت أوساط ديبلوماسية أجواء القلق التي سادت دول المحور وجماعاته، ولا سيما في مناطق النظام السوري، فكان الشغل الشاغل هناك مواكبة التطورات العاصفة في الداخل الروسي. ولم يهدأ روع المحور، إلا بعد الاعلان عن التوصل الى تسوية لتمرد “فاغنر” وعودة بوتين الى الامساك بزمام السلطة.

ووفق هذه الأوساط، كان لسان حال أهل البيت البوتيني طوال فترة العاصفة، التساؤل عن مستقبل “الستاتيكو” في سوريا، إذا ما اختفى نفوذ “القيصر” الذي ضمن لنظام بشار الاسد البقاء على قيد الحياة منذ العام 2015. والتساؤل أيضاً، عما سيحل بالتركيبة الرديفة لهذا النفوذ والمتمثلة بايران وأذرعها وفي مقدّمها “حزب الله”.

وبحسب الأوساط نفسها، فإنّ تغييراً محتملاً كهذا في سوريا، كان ليمتد الى لبنان كالنار في الهشيم. فكان متوقعاً ان يكون اول معالم هذه النار، إختفاء مرشح الممانعة سليمان فرنجية عن شاشة الاحداث اللبنانية، بعدما عملت ماكينة الممانعة على الاستثمار فيه من موسكو مباشرة. واستعادت الاوساط الجهود التي بذلها أطراف لبنانيون لتسويق خيار فرنجية في دوائر الخارجية الروسية، وعلى رأسها الوزير سيرغي لافروف وميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص لبوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا.

وفي مناخات قلق أهل الممانعة لئلا يتحولوا الى “أيتام” بوتين، ظهرت أمس في فلتات لسان أحد الناطقين باسم “الثنائي”عبارة “الخشية من بريغوجين لبناني”، في إشارة الى زعيم مجموعة “فاغنر”، وان يكون له إسقاط ما لبنانياً. وفي معلومات “نداء الوطن” انه قبل حصول التطورات في روسيا، كانت أوساط متابعة لمهمة الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي جان-إيف لودريان تتحدث عن نتائج وصفتها بـ”السيئة” للمحادثات التي أجراها مع فرنجية. فخارج إحتفالية الممانعة بـ”الغداء” الذي جمع لودريان بفرنجية، لم يسمع مرشح “الثنائي” من الموفد الفرنسي ما يطمئنه الى حظوظه الرئاسية. وليس بعيداً عن هذه الأجواء ما ألمح اليه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، عندما قلّل من أهمية “دور مساعد سعودي أو فرنسي أو قطري أو ألماني أو من تشاؤون”. وقال: “هذا المساعد يكون قادماً للمساعدة وليس أن يأمر أو أن يقرر عن أحد”.

وأطلّ الاستحقاق الرئاسي أيضاً على لسان النائب تيمور جنبلاط بعد انتخابه بالتزكية رئيساً للحزب “التقدمي الاشتراكي” خلفاً لوالده النائب السابق وليد جنبلاط. فأكد أنّ حزبه “سيبقى حزب النضال من أجل الحفاظ على لبنان المؤسسات والحوار الحقيقي لا لبنان الشغور والتعطيل، وسنمضي في دروب العمل لإتمام الاستحقاق الرئاسي، بعيداً عن جبهات الرفض من أجل إصلاح اقتصادي وحقوق المواطن وكرامته”.

وأبلغت مصادر قيادية في الحزب “نداء الوطن” أنّ مؤتمر “الاشتراكي” العام الـ49، تميّز بالتركيز على البعد الشبابي والنسائي. وبلغت نسبة الحضور 85 بالمئة من عدد أعضاء الجمعية العمومية. وجرى تطبيق “الكوتا” النسائية بما يقارب الـ50/50. وظهر المؤتمر كاستفتاء لتيمور جنبلاط أكثر مما هو استحقاق انتخابات. وتميّزت المشاركة بحضور من مختلف الفئات والأعمار والمناطق، إضافة الى التنوع الطائفي أيضاً، وهو أمر “مهم جداً” بحسب المصادر القيادية.

وتلقى رئيس “الاشتراكي” الجديد سلسلة اتصالات للتهئنة، بينها اتصال من السفير السعودي وليد البخاري هنأه فيه بانتخابه رئيساً للحزب، مشدداً على العلاقة التاريخية التي تربط المملكة بالمختارة.

اترك تعليق