أسقطت المصادر الديبلوماسية والسياسية كثيراً مما نُشر من سيناريوهات تحاكي محاضر جلسات لودريان مع عدد من الشخصيات السياسية والكتل النيابية، وخصوصاً عند الفصل بين ما كان مطروحاً قبل الزيارة، وربما قبل الحلقة الثانية عشرة من مسلسل انتخاب الرئيس في 14 حزيران الجاري، وما بعدها. وهو ما عبّر عنه الأفرقاء جميعاً لجهة الحديث عن تمسّك باريس بمبادرتها لجهة ثنائية ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية ونواف سلام لرئاسة الحكومة، او تراجعها النهائي عنه، وفتح صفحة جديدة مع الإستحقاق بحثاً عن مرشحين جدد.
وعليه، وإن بقي الالتباس قائماً حول هوية المرشح الرئاسي، فإنّ ملفاً آخر يتقدّم على أولوية انتخاب الرئيس، وهو يتعلق بمصير طاولة الحوار. فالثابتة الوحيدة التي التقت فيها إرادة لودريان ومعظم من التقاهم، كانت عن رغبته بتنظيم مثل هذه الطاولة. لكن الخلاف الجوهري وقع بعد الموافقة عليها بين من يطالب بانعقادها قبل انتخاب الرئيس أم بعده. فأصحاب الموقف الرافض لأولويتها يعتقدون انّ “الثنائي الشيعي” ومن خلفه محور الممانعة، يسعى الى ربط الاستحقاق الداخلي بتوازنات المنطقة، ولترجمة ما يتحدثون عنه من انتصارات لا بّد من ترجمتها على الساحة اللبنانية. فيما يرفض الطرف الآخر مثل هذه الدعوة قبل انتخاب الرئيس، بغية حصر المناقشات بالقضايا والملفات اللبنانية الداخلية بعيداً من أوضاع المنطقة.
وفي انتظار ان يحسم الموفد الفرنسي موقفه من موعد الطاولة، نمي إلى بعض من التقاهم قبل نهاية مهمّته بقليل، انّه ينحو الى ضرورة أن يرعى الرئيس الجديد للجمهورية مثل هذه الطاولة، لتكون منطلقاً وأساساً لبناء شبكة متينة من الرعاية الدولية لمسيرته الجديدة. فوجود رئيس للجمهورية يشرف على مثل هذه الطاولة ويديرها، يمكّنه من ان ينطلق بالسرعة المطلوبة لإطلاق عهده بما هو مطلوب منه من برامج الإصلاحات التي تضع البلاد على سكة التعافي والإنقاذ. وعليه، فإنّ انتظار عودة لودريان بات امراً واجباً وملزماً لجميع الأطراف للحكم، ولو متاخّراً على مهمّته وما يمكن ان يحقّقه.