فيما الملف الرئاسي مجمّد بانتظار عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان المتوقعة في النصف الثاني من هذا الشهر، وذلك من أجل استكمال اتصالاته وبلورة صيغة ما ينطلق منها للإعلان عن مبادرة جديدة قد تفضي الى انتخاب رئيس جمهورية في وقت ليس ببعيد، توالت التطورات على جبهة الجنوب حيث الاحتلال الإسرائيلي قضم الجزء اللبناني من بلدة الغجر المحتلة، دون أدنى تحرك رسمي لبناني لمحاولة منعه من ذلك، حيث كانت الحكومة اللبنانية منغمسة في مهمة “البحث عن صلاحيات من هنا وهناك”، بحسب توصيف بيان الحزب التقدمي الاشتراكي الذي دعا الحكومة اللبنانية “الغائبة في سُباتها” وفي إهتماماتها بملفات التربية والصحة والاتصالات التي “تتولاها ببراعة وحرفية”، أن “تمنح بعضًا من وقتها للحدود الجنوبية وتتخذ ما يلزم من اجراءات لمنع وضع أراضٍ لبنانية تحت احتلالٍ تم تنفيذه تحت أعين الجميع؟”.
وكما في الجنوب اللبناني، كذلك داخل الأراضي المحتلة حيث يجتاح جيش الاحتلال جنين ويمارس فيها الارتكابات التي تكرّس جرائمه، دون أي تحرك دولي أو عربي لوقف هذا التمادي، الأمر الذي يعيد الى الواجهة ما قاله الرئيس وليد جنبلاط في كلمته أمام المؤتمر العام للحزب التقدمي الاشتراكي منذ أيام حين دعا إلى دعم الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح.
أما في المحليات اللبنانية فإن تراجعاً لافتاً سُجّل في الحراك السياسي بعد جلسة الانتخاب الأخيرة في 14حزيران، وما أظهرته من انقسام عمودي حاد، واللقاءات التي أجراها لودريان مع القوى السياسية وتعليق الملف الى حين عودته الى لبنان ومعرفة ما يحمله من أفكار جديدة.
مصادر سياسية توقفت عند حملة فريق الثامن من آذار التي تعني أن الاجواء الرئاسية ما تزال ملبّدة، معتبرة أن “هناك شبه إجماع لبناني على أن حل أزمة انتخاب الرئيس هو خارجي وليس داخلي، فإذا لم تُحل المسألة في الخارج لا حل لها في الداخل”.
وتوقعت المصادر أن يقوم لودريان بجولة أفق بعد غربلة مواقف الكتل النيابية، مرجحة أن يجري مروحة اتصالات جديدة لبلورة الموقف الذي قد يعتمده بعيداً عن التكهنات.
اما بخصوص تحديد جلسة انتخاب جديدة، فقد استبعدت مصادر نيابية عبر “الأنباء” الالكترونية ذلك لأن الجلسة الأخيرة كرّست انقساماً، معتبرة أنه من غير المفيد الدعوة لجلسة انتخاب جديدة اذا لم يكن هناك معطيات تؤشر الى مخرج ما قد يعيد خلط الأوراق ويؤدي في النهاية الى انتخاب الرئيس.
في الشأن الحكومي، وفي ظل الحديث عن جلسة وزارية قريبة، أشار النائب السابق علي درويش في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية الى أنه من المتوقع أن يقوم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بمروحة اتصالات يبدو أنها ستكون موسّعة هذه المرة، وقد تشمل معظم القوى السياسية للتباحث معهم في إمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء، أو للتباحث معهم في أمور محددة تتعلق بحاكمية مصرف لبنان والمجلس العسكري ومطار رفيق الحريري الدولي. وبناء عليه سيكون هناك وضوح في الرؤية.
ولم يستبعد درويش أن يبدأ ميقاتي اتصالاته هذا الأسبوع او مطلع الاسبوع لأن هناك بعض الأمور التي يجب البت بها ولم تعد تحتمل التأجيل وعلى ضوئها ستحدد جلسة مجلس الوزراء المرتقبة.
وبالتزامن مع هذا المشهد السياسي، كانت بشري تودّع أمس الضحيتين هيثم ومالك طوق في ظل احتقان كبير وتوتر يُفترض أن يستنفر الدولة بأجهزتها الأمنية وقضائها للتحرّك بأسرع وقت على خط معالجة أساس المشكلة التي أدت الى ما وصلت اليه الامور وطبعاً الكشف عن الجناة ومعاقبتهم. فما جرى في القرنة السوداء هو مدعاة قلق على مصير البلد وأمنه وعلّه يكون جرس إنذار للإسراع بالوصول الى المخرج السياسي قبل الدخول في متاهات لا تُحمد عقباها.