مخاوف من “الحلول الساخنة”(الجمهورية)

لا ضوء أخضر داخلياً لإخراج الملف الرئاسي من دائرة التعطيل، ولا قرار إقليمياً أو دولياً جدياً في دفع الأطراف اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية.

على هذه الخلاصة تتقاطع القراءات السياسيّة للتطوّرات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية، وتبعاً لذلك، فإن رئاسة الجمهورية ستبقى في الاقامة الجبرية في مربّع الشغور ريثما تنشأ ظروف أقوى من الجميع، تكسر المعادلة القائمة حالياً على «توازن التعطيل»، بين أطراف غير قادرة على الحسم الأحادي الجانب للاستحقاق الرئاسي، وغير قابلة في الوقت نفسه لأن تخرج من خلف متاريسها، وتسلك المعبر الإلزامي المتمثّل بحوار عقلاني ومسؤول يُفضي الى توافق ولو بحده الادنى على انهاء الوضع الشاذ الذي يعيشه لبنان في ظل رئاسة مخطوفة، وأزمة خطفت أنفاس كل اللبنانيين.

ما انتهت اليه تلك الخلاصة، مبنيّ على ثمانية اشهر من العبث السياسي بالملف الرئاسي، و»تَزنِيره» بتعقيدات وألغام ومفخخات واحتقانات وأورام واحقاد سياسية مطعّمة بالطائفية والمذهبية والشعبوية، ثَبتَ بالملموس ان مكونات العبث الرئاسي – المنقسمة على ذاتها ولا تحترف سوى لعبة التصعيد والتوتير والتفخيخ واعدام فرص الالتقاء والهروب من التوافق – لا تمتلك القدرة على تفكيك صواعقها وتبريد توتراتها.

كلّ هذا الإفلاس والضعف، يضاف اليهما إحباط الجهود الصديقة والشقيقة لفتح باب الفرج الرئاسي، يعزّز ما بات يخشى منه كل اللبنانيين، بأنّ فرص «الحلول الباردة» قد انعدمت نهائيا، وان مسار العبث الراهن، يدحرج عن قصد او عن غير قصد، كرة النار بقوة في اتجاه «الحلول الساخنة» التي تجلب الجميع مكرهين الى بيت الطاعة وانتخاب رئيس للجمهورية، وربما الى ابعد من ذلك، حيث يصعب من الآن تحديد ماهية هذه الحلول أو حجمها أو مساحة تداعياتها.

على مستوى الداخل، جمود تام ألقى بالملف الرئاسي على رصيف انتظار حوار يبدو انّه لن يحصل بين مكوّنات بعضها حسم أمره برفضه، وبعضها الآخر يريده لتحقيق غايته. وكذلك على رصيف الانتظار الفرنسي للخطوة التالية للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر موثوقة فإنّ مستويات سياسية مسؤولة باتت تُقارب المشهد السياسي والرئاسي بتشاؤم شديد، وتدعو في مجالسها الى «أن نتحضّر للأسوأ، ذلك ان الطريق الداخلي الوحيد الذي يمكن ان يؤدي الى انفراج وانقاذ، والمتمَثّل بجلوس الاطراف الى طاولة الحوار للتوافق والتفاهم، قَطَعه رافضو هذا الحوار والساعون عن قصد الى خراب البصرة. كما انّ الفرج المنتظر من الخارج، سيطول انتظاره، وقد لا يأتي، فحتى الآن، لم نلمس او نتلقّ ما يفيد عن اندفاعة خارجيّة جديّة في المساعدة على انضاج حلّ يعجل بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة».

واللافت في مقاربة تلك المستويات انها «لا تعوّل على أيّ حراك خارجي طالما أنّه لم يخرج عن اطار التمنيات». وتقول: «انّ لودريان حضر واستمع الينا وسمعنا منه عواطف وتمنيات ونية بتسهيل اجراء حوار بين اللبنانيين، ولم نسمع منه ما يفيد عن وجود مبادرة فرنسية نوعيّة. وبمعزل عما اذا كان سيأتي لودريان في زيارة ثانية الى بيروت في المدى المنظور لتسهيل الحوار كما قال، فلا نرى في الافق ما يؤشر الى نجاح اي حوار كالذي يرمي الى الموفد الفرنسي، او اي مسعى خارجي من دون شراكة كاملة وفاعلة ومباشرة فيه من قبل الاميركيين والسعوديين، وهذا ما لم نلمسه حتى الآن».

اترك تعليق