تغيب المفردات المعادية للمملكة العربية السعوديّة عن الخطابات والمواقف الصادرة عن الحزب، من أمينه العام السيّد حسن نصر الله إلى أصغر مسؤول بالحزب، وليس هذا وحسب بل غابت التغطيات الإعلامية في وسائل الإعلام التابعة للحزب للأحداث الداخلية في السعودية، في حين انتشرت في بيئات الحزب عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور للاستقبال المميّز للحجّاج الإيرانيين من قبل السلطات السعودية مع التنويه بحسن المعاملة والاهتمام البارز بموسم الحجّ.
أسباب التحوّل في الخطاب
سببان يقفان خلف هذا التحوّل في خطاب الحزب أو لمزيد من الدّقة هذه الهدنة:
1- الاتفاق السعودي – الإيراني وتأثيره على موقف الحزب من السعودية مما يفرض تراجع الحملة الإعلامية عليها، سواء من قبل مسؤولي الحزب أو وسائل إعلامه، وصولاً إلى إعادة ضبط أداء العديد من الفضائيات التابعة لمحور الممانعة في إطار اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية المدعومة من إيران. وقد أشاد المسؤولون في الحزب بالاتفاق وتأثيراته الإيجابية على المنطقة وتطوّراتها.
2- القراءة الداخلية التي يجريها الحزب للتطوّرات الجارية في السعودية والتغييرات في السياسة السعودية على الصعيد الإقليمي والدولي، وخصوصاً لأداء وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان ومواقفه الدولية ورؤيته لدور السعودية في المنطقة.
للمرّة الأولى منذ سنوات طويلة يسمع المراقب تقويماً إيجابياً من قبل مسؤولي الحزب والباحثين فيه لدور السعودية ورؤيتها المستقبلية ومواقفها الدولية وحرصها على البحث عن استراتيجية جديدة في العلاقات الدولية يمكن أن يكون لها تأثير مهمّ في دور السعودية المستقبلي.
ورش بحثّية داخل الحزب
خلال جلسات التفكير والمناقشة التي تجري داخل مؤسّسات الحزب البحثية أو في دوائر القرار توصّل المسؤولون في الحزب إلى رؤية جديدة لمواقف السعودية تنطلق من أساس عقلاني ومن المصالح لا من الموقف الأيديولوجي المسبق، سواء بسبب الخلاف الفقهي والفكري أو الخلاف في المواقف السياسية.
يتحدّث العديد من مسؤولي الحزب في مجالسهم الخاصة عن أنّه “للمرّة الأولى نلحظ وجود رؤية جديدة داخل السعودية في العلاقات الإقليمية والدولية ناتجة عن كلّ التطوّرات التي حصلت في السنوات العشر الماضية. ونحن اليوم أمام فرصة جدّيّة لبناء نظام إقليمي في المنطقة قائم على أساس المصالح المشتركة والتعاون بين الدول العربية وإيران وتركيا. والسعودية هي المؤهّلة كي تمثّل العالم العربي في هذا النظام الجديد. والأولويّة لدى المسؤولين السعوديين، وفي مقدَّمهم وليّ العهد محمد بن سلمان، بناء مملكة قوية تمتلك كلّ القدرات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجيّة والأمنيّة”.
الحزب والحوار المنشود مع السعودية
لكن هل يعني ذلك أنّ الخلافات بين المملكة العربية السعودية والحزب انتهت كليّاً، وأنّ الوقت أصبح مناسباً اليوم للجلوس إلى طاولة واحدة؟
يكشف المسؤولون في الحزب أنّهم تلقّوا رسائل إيجابية من المسؤولين في السعودية والجواب أيضاً حصل، وإن ليس من تواصل مباشر حتى الآن، لكن لا شيء يمنع حالياً من عقد هذا الحوار للتعاون المشترك في كلّ الملفّات في المنطقة، وخصوصاً على الصعيد اللبناني.
ويضيفون: “نحن أمام فرصة جديدة في العلاقات بين السعودية والحزب، وربّما يشكّل الوصول إلى تسوية على صعيد الملفّ الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وعودة انتظام دور المؤسّسات الدستورية محطّةً جديدةً على صعيد دور الحزب في المرحلة المقبلة وعلى صعيد علاقاته العربية”