بغض النظر عن الأصوات التي يمكن أن تعترض على ما سنثيره في هذا الخبر، تحت شعار الحرص على الموسم السياحي الصيفي الواعد وما شابه، لكن ثمة أمور لا يمكن السكوت عنها تحت أي ذريعة. بل على العكس، الأصح أنه من الواجب إثارتها والإضاءة عليها لمعالجتها، ولعدم ذهاب الكل بجريرة البعض، خصوصاً إن كانت المسألة تتعلَّق بصحة المواطنين، إلى حدِّ أن “الحلو صار مرّاً، بل سُمّاً”.
عشرات الشكاوى تنهال على موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن “حالات تسمُّم تعرّض لها المئات من المواطنين، بينهم أطفال، بعد تناولهم حلويات مصدرها إحدى مؤسسات الباتيسري المعروفة في هذا القطاع. والحالات توزّعت على عدد من المناطق ولم تنحصر في منطفة معينة، نتيجة توزُّع فروع الشركة المنتشرة في مناطق مختلفة، ولكونها من المورّدين الكبار لعدد من المطاعم بالإضافة إلى محلات الباتيسري الصغيرة”.
ويعرب معظم الذين اشتكوا ممّا حصل معهم، لموقع “القوات”، عن “استغرابهم”، ويقولون، “نحن نقصد شركة الحلويات المعنية، على الرغم من أن أسعارها ليست زهيدة، باعتبار أنها معروفة وبضاعتها مضمونة وسليمة من الناحية الغذائية والصحية، وآخر ما كان يمكن أن يخطر في بالنا، أن نصاب بالتسمُّم”.
ويضيفون، “إن “كان ذلك يحصل في مؤسسة لصناعة وتوزيع الحلويات من هذا المستوى الرفيع، وتتمتع بمواصفات عالية الجودة كما يُفترض، فما بالكم بمحلات الباتيسري والشركات الصغرى المنتشرة في الأحياء؟ ماذا نأكل وماذا نُطعم أولادنا؟”.
مصادر معنية في قطاع الباتيسري، لا تنفي “احتمال حصول حالات تسمُّم معينة. فصناعة الحلويات دقيقة في كل مراحلها، ويجب أن تُحفظ معظم المواد الأولية والمنتوجات في ظروف تبريد سليمة وبشكل دائم. وكلنا يعلم مشكلة الكهرباء والكلفة الباهظة للمولدات، ما يجعل المؤسسات تعاني وتتكبَّد تكاليف مرتفعة هي غير قادرة على تحمُّلها، ما يدفعها ربما للتغاضي أحياناً عن الالتزام بالشروط الصارمة لحفظ الحلويات والتساهل في نوعية بعض المواد المستعملة، ظنّاً منها أن الأمر لن يؤثِّر، وهنا تقع الكارثة”.
لكن هل هذا يعتبر مبرَّراً تحت أي حجة؟، تؤكد المصادر ذاتها، لموقع “القوات”، أنه “غير مبرَّر على الإطلاق، ونحن نحاول أن نفسِّر ما حصل لا تبريره، ونشدِّد على ضرورة التقيُّد بكل الشروط الصارمة لحفظ منتوجات الباتيسري على اختلافها، مهما بلغت الكلفة. فالأساس أن نستعيد ثقة المستهلك من أجل أن نستمر ونتخطَّى الأزمة الحالية، ( ولاحقين ع الأرباح) المرتفعة في مرحلة لاحقة”.
وتضيف، “لا نغطِّي أحداً، أكانت شركة أو باتيسري كبرى ومن الأسماء اللامعة أو كانت صغيرة ومتواضعة، وليتحمَّل المخطئ مسؤولية خطئه كما يقتضي القانون، وعلى الدولة القيام بواجباتها من دون تلكؤ”.
إذاً وعلى ضوء ما يحصل، تُطرح، للمرة الألف ربما، قضية سلامة الغذاء أو الأمن الغذائي في لبنان، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة. والأنكى غياب السلطة الحاكمة والوزارات المعنية عن أبسط مهامها في المراقبة والمتابعة.
ولسان حال المواطنين، أن “كل الحجج التي تُعطى تحت شعار قلّة المراقبين وإضراب الإدارة وضعف الإمكانات وتحلُّل مؤسسات الدولة، لا تُعفي هذه السلطة من مسؤولياتها وواجباتها تحت سقف المحاسبة التي يجب أن تخضع لها لاستهتارها بصحة المواطنين. وإن كانت المحاسبة متعذرة اليوم للأسباب المعروفة، فلا بدّ أن تأتي يوم يحين موعد الحساب، وسنحاسبهم”.