الصندوق السيادي في “حلّته التشريعية”

من المقرّر أن تُنهي لجنة المال والموازنة الأسبوع المقبل الصيغة النهائية لاقتراح قانون الصندوق السيادي، بعدما قطعت شوطاً متقدّماً في الجلسات السابقة، انطلاقاً من عمل اللجنة الفرعية على دمج الاقتراحات الأربعة التي قدّمتها أربع كتل نيابية كبرى في المجلس النيابي وتوحيدها، هي: تكتل «لبنان القوي»، «التنمية والتحرير»، «الجمهورية القوية» و»اللقاء الديموقراطي».

وأكد رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان «الحرص على التعامل مع هذا القانون بتجرّد من أي خلفية سياسية نظراً لما يمثّله من أمل للبنان ومساهمة جديّة لاستعادة الثقة به مالياً واقتصادياً بالتزامن مع تطبيق الإصلاحات البنيوية المطلوبة». وقال كنعان لـ»نداء الوطن»: «بانطلاق مرحلة التنقيب عن النفط والغاز، تأتي أهمية هذا القانون، ليس على صعيد قرب المردود، إنّما بإعطاء إشارة إيجابية للمؤسسات الدولية وللمستثمرين والمجتمع الدولي ككلّ، بأنّ لبنان أعدّ العدّة من خلال نظامه التشريعي لقانون شفّاف، وفقاً للمعايير الدولية ومبادئ سانتياغو لصندوق النقد الدولي، يمكّنه أن يخطو خطوة إصلاحية جديدة ومتطوّرة في هذا الإتجاه، وهذا تحدٍّ في بلد تتنازعه الطائفية والمحاصصة بأنه يستطيع إنجاز قانون يُناقض كل ذلك، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان تحصل تجربة كهذه».

ورأى أنّ «هذه التجربة الفريدة من نوعها قد تكون خشبة الخلاص للبنان على مستويات عدّة، والرهان على تجارب كهذه تفتح الباب لإصلاح كبير في الإدارة وفي مجالات التوظيف في القطاعين العام والخاص، كذلك هذه التجربة تُعطي ثقة للمجتمع الدولي الذي يتطلّع نحونا بعين الريبة نتيجة العثرات التي مررنا بها، لذلك لنا مصلحة في إنجاح هذه التجربة بعيداً من المحاصصة والطائفية التي تُدمّر كل شيء».

وعلمت «نداء الوطن» أنّ اللجنة الفرعية التي عملت على هذا الاقتراح برئاسة كنعان، ركّزت على التوصل إلى نظرة واحدة من قبل الكتل الأربع التي تقدّمت بالاقتراحات، وتجاوز كل الأمور التي تُعرقل، لجهة توزيع المناصب وإعطاء الإستقلالية لهذا الصندوق بمجلس إدارة كفوء يتمتع بسنوات خبرة من 10 إلى 15 سنة، وهذه المواصفات العالية تليها صلاحيات قيام مجلس الإدارة بعمليات الاستثمار وإدارة المحافظ وكل الأعمال من دون العودة إلى السلطة السياسية، وحتى العائدات تذهب منها 80% للإدخار والاستثمار، أي للأجيال المقبلة والـ20% المتبقية يؤخذ بها لمحفظة التنمية ومنها لموازنة الدولة على مشاريع منتجة توظّف لتنمية الاقتصاد اللبناني والوضع الاجتماعي بمردود وليس هبات تُوزّع بالسياسة.

ووفق المعلومات، فإنّ كل المردود المتأتّي، بما فيه العائدات الضريبية، سيوضع في الصندوق، ثم يُوزّع على محفظتي الاستثمار والادّخار والتنمية، ولا يُصرف أي مبلغ من محفظة التنمية إلا بمشاريع منتجة ومن خلال موازنة مقرّة، وهو لا يلحظ أي تغطية للدين لئلا تتكرّر تجارب ما حصل في مصرف لبنان وموجوداته والإحتياطي الإلزامي وغيره من ودائع اللبنانيين.

وتُشير المعلومات إلى وجود أكثر من رأي ووجهة نظر لجهة الاستفادة ولو بنسبة معينة من الفائض لمعالجة الدين العام، وكذلك وجود آراء عدّة حول مسألة السيادة والمعايير الدولية، حيث بيّنت التجربة وآراء الخبراء الأجانب الذين استمعت إليهم اللجنة الفرعية، أنّه سيكون هناك تكامل بين المعايير الدولية وممارسة اللبنانيين حقهم في الإدارة. وقامت اللجنة الفرعية بعمل مضنٍ، خصوصاً في موضوع المرجعية الدستورية لمجلس الإدارة المقترح، حيث يربط اقتراح تكتل «لبنان القوي» المرجعية الدستورية برئاسة الجمهورية، بينما يربط اقتراح كتلة «التنمية والتحرير» المرجعية بوزارة المالية، أمّا اقتراح «الجمهورية القوية» واقتراح «اللقاء الديموقراطي « فقد ربطا المرجعية بنظام مركّب.

ووفق تقرير اللجنة الفرعية، يتولّى إدارة الصندوق مجلس إدارة مؤلّف من ثمانية أعضاء متفرّغين، ومن بينهم الرئيس ونائب الرئيس المتخصّصان من القطاع الخاص من ذوي الخبرة بما لا يقلّ عن خمس عشرة سنة في مجالات الاستثمارات الدولية في صناديق ومحفظات لا يقلّ رأس مالها عن مليار دولار أميركي، يعيّنون بمرسوم في مجلس الوزراء لمدّة خمس سنوات ويجوز إعادة تعيينهم لمرّة واحدة فقط. يعهد مجلس الوزراء إلى مؤسسة دولية للتوظيف متخصّصة في القطاع العام بما لا يقل عن خبرة عشر سنين في القضايا المالية والاقتصادية والاستثمارية، أمر اختيار عدد من المرشحين المقبولين لا يقلّ عن 15 مرشحاً يعيّن منهم مجلس الوزراء ثمانية مرشحين.

ويخضع ترشيح واختيار وتعيين أعضاء مجلس الإدارة للقواعد والمعايير المبيّنة في القانون.

اترك تعليق