تناقضٌ نافر يطبع تعاطي الثنائي الشيعي مع زيارة المبعوث الفرنسي الرئاسي جان ايف لو دريان الى لبنان، خصوصا، ومع الخماسي الدولي عموما، خاصة بعد اجتماعه الاخير في الدوحة. وليس هذا التناقض الا دليلا على تخبط وضياع الفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، منذ أيقن ان حظوظ وصوله الى قصر بعبدا تراجعت بقوة، وان باريس ما عادت قادرة على تسويقه كما كان الامر في الفترة السابقة.
وفي اسطع دليل على هذا التناقض، صعّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب هاني قبيسي النبرة، ضد الدور الخارجي في الانتخابات، في شكل لافت. فأكد “اننا لن نرضى بقرارات خارجية تفرض علينا، ولن نرضى بعقوبات خارجية تجوع اهلنا، ولن نرضى لا بخماسية ولا سداسية تتحاور عنا وتريد فرض قراراتها علينا”، لافتا الى “اننا تعلمنا الا نسكت على ظلم والا نقف مكتوفي الايدي امام من يعتدي علينا ويحتل ارضنا او يحاول قمعنا والسيطرة علينا، لان الحق هو مع اهل الحق، فلا يمكن ان نسكت لظالم”، مضيفا ” نحن دعاة حوار كنا ولا نزال رغم رفض البعض له، في الوقت الذي تتحاور دول عربية وأوروبية عنا، ويناقشون وضع لبنان، يرفضون هذا الرئيس ويملون علينا رئيسا آخر. والبعض يتفرج ينتظر القرارات الخارجية، ونقول لهؤلاء نحن أحرار ننتمي الى ثورة الامام الحسين، لن نقبل أن تفرض علينا مقولات واتفاقات خارجية، فقرراتهم لا تعنينا إن لم تنسجم مع تضحيات ودماء شهدائنا، نحن شعب انتصر وحرر أرضه ومن انتصر لن يرضى بأن تفرض عليه قرارات خارجية”.
في المقابل، وعلى مسافة ساعات قليلة من هذا الكلام الهجومي، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يتحدث بكل ايجابية بعد استقباله لودريان في عين التينة. فقد وصف بري لقاءه الدبلوماسي الفرنسي بـ”الجيد”، معلناً أنه “يمكننا القول أن كوّةً في جدار الملف الرئاسي قد فتحت”. واستمرّ اللقاء الذي حضرته السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو أكثر من خمس وأربعين دقيقة، غادر بعده لودريان دون الإدلاء بتصريح.
في موازاة هذه الايجابية التي لم تُعرف اسبابُها او مبرراتها حتى الساعة، تتابع المصادر، خاصة وان لودريان يدعو الى حوار حول مواصفات رئيس الجمهورية حصرا، في ايلول المقبل، ولم يعد يذكر مقايضة فرنجية – نواف سلام، في اي من لقاءاته، رئيسُ المجلس عاد وكرر في حديث تلفزيوني انه متمسك بترشيح رئيس المردة.
بعد كل ما تقدم، تعتبر المصادر ان لعبة بري الجديدة يبدو ان عنوانها رمي قنابل دخانية في اجواء الزيارة الفرنسية، للتعمية على دور الثنائي الشيعي التعطيلي، الرافض حتى فكرة الرئيس التوافقي، والايحاء بأن الحزب والحركة ايجابيان ومرتاحان الى مسار الامور اقليميا، علما انهما منذ ايام قليلة، اعتبرا ان بيان الخماسي مكتوب بحبر اميركي وهدفه إخضاع اللبنانيين وكسر المقاومة!