لم يحدث مِن قبل أن تحمل معركة رئاسية هذا الكَم من التصريحات والمواقف المُلتبسة التي تفتح مجالاً للتأويلات والإستنتاجات المتناقضة، لعل الدول الخارجية المؤثرة بهذا الملف تريد عن قصد إشاعة هذه الأجواء من أجل تأخير موعد الإستحقاق الرئاسي رغم ادعائها العكس…
بات واضحاً أن تأخير الإستحقاق مرتبط بشكل وثيق بتأخير حسم الملفات الإقليمية كالملف اليمني الذي تأخّر لحسابات سعودية أميركية إماراتية والملف السوري بعد أن بطّأت أميركا الحركة العربية تجاه دمشق، ما انعكس ثمناً أو تأخراً على الملف اللبناني الذي يعتبره البعض أن مشكلته بالوقت وليس بالحسابات التي لا زالت كما هي رغم تأخرّها..
ما يعني بالحسابات التي يتهم البعض الثنائي الشيعي وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري بالخطأ فيها فيما يتعلق بالمبادرة الفرنسية وإمكانية استمرارها من عدمها، تقول المصادر إن لا الفرنسي ولا القطري ولا الخماسية طرحوا تغييرها أو إلغائها، فكل ما نُقل عنهم هو الإسراع في عملية الانتخاب، فالموفد الفرنسي جان إيف لودريان حمل معه بعد لقاء الخماسية طرح الحوارات الثنائية بين الأطراف اللبنانية لكسر الجمود والتقدّم خطوات باتجاه الرئاسة وهذا ما قال عنه بري إنه فتح كوّة في الجدار…
واللافت أن الحوار الأساسي الذي يُحدِث فرقاً داخلياً في الرئاسة بين حزب الله والتيار الوطني الحر سبق الدعوة الفرنسية لذا لم تشمله ويُعتبر غير مرتبط بها رغم تأييدها له وإنما له علاقة بحسابات الطرفين كحليفين قديميْن، أما باقي الأفرقاء فحتى اللحظة لم يضع بري خارطة طريق حوارية بحُكم تموضعه ولا يوجد حتى اللحظة أي تصوّر لها ومن أين تبدأ؟! فكل طرف له حساباته وإرتباطاته وأولوياته، فرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي السابق وليد جنبلاط منشغل حالياً بنسج علاقات نجله تيمور، بوقت تتداخل حسابات البعض الداخلية مع الخارجية وأحياناً كثيرة يكون للأخيرة الأولوية..
وفي ظل المعطيات والقراءات المتناقضة لا شيء يدعو للتفاؤل، لا بل أكثر بحيث أن كل التطورات في هذا الملف هي بمثابة خطوة الى الوراء بحُكم الصراع بين الدول الخارجية لناحية الضغوطات والعرقلة بوجه بعضهم وتحديداً الفرنسي، ما يُنذر بفترة انتظار طويلة غير معلومة المسار والنتائج..