لم يصمد تلفزيون لبنان أكثر من ما صمده مع الأزمة الإقتصادية والسياسية الراهنة، فانطفأت أنواره هذا الصباح.
وقرر وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، إقفال تلفزيون لبنان، صباح اليوم الجمعة، بسبب المشاكل التي يعاني منها التلفزيون منذ مدة منها الرواتب، ورفض موظفي التلفزيون الاستمرار بعملهم، وفقاً لـ”صوت لبنان”.
وللأسف، نكون اليوم أمام إقفال أرشيف التاريخ اللبناني والإعلام الرسمي لبلدنا، نتيجة تراكمات من الإهمال والفساد السياسي.
من جهتها، أعلنت مديرية الخزينة في وزارة المال عن أنها “حوّلت الى مصرف لبنان، مبلغاً وقدره ستة مليارات وثلاثمئة وستة وتسعين مليوناً وخمسماية واثنين وثلاثين ألف ليرة لبنانية /6،396،532،000/ل.ل. كدفعة من مساهمة لدفع التعويض الموقت للعاملين في تلفزيون لبنان عن أشهر أيار وحزيران وتموز 2023.”
ويُعتبر تلفزيون لبنان أول تلفزيون في الشرق الاوسطن واحتفل في 28 أيار2009 باليوبيل الذهبي، حيث مضى على تأسيسه خمسون عاماً.
وانشئت أول محطة تلفزيونية في لبنان عام 1959 باسم “شركة التلفزيون اللبنانية ” في المبنى القائم اليوم في تلة الخياط في بيروت، وقد وضع حجر الاساس له عام 1957 رئيس الجمهورية اللبنانية في ذلك الحين كميل شمعون في حضور رئيس الحكومة آنذاك سامي الصلح والجنرال سليمان نوفل أول رئيس مدير عام لتلفزيون لبنان. وكانت الشركة مملوكة أسهمها بالكامل من القطاع الخاص، مع جهات فرنسية وشركة سوفيرات ضمن دفتر شروط يتيح للدولة اللبنانية الاشراف فقط على الاخبار والبرامج السياسية.
بعد صدور قانون الاعلام المرئي والمسموع الرقم 382/94 واثر الترخيص لعدد من المحطات الخاصة الذي افقدته بنشوئها الحق الحصري الممنوح له لغاية العام 2012 بقانون من الدولة يوم نال الامتياز، اثر ذلك اشترت الدولة حصة القطاع الخاص وباتت منذ العام 1996 تملك اسهم تلفزيون لبنان بالكامـل.
ومنذ ذلك الحين باتت المنافسة شديدة على تلفزيون لبنان، وإثر ذلك شحّت مداخيله الاعلانية الى الحدود الدنيا، فتعرض للكثير من المعاناة، إلى أن تم اقفاله في آخر شباط من العام 2001 وصرف جميع مستخدميه الذين فاقوا الخمسمئة والخمسين مستخدماً بقرار من مجلس الوزراء، على ان يعاد تنظيمه من جديد خلال ثلاثة أشهر، ووضع حد للخسائر التي مني بها جراء الظروف الصعبة للدولة وقلة الموارد الاعلانية التي توزعت على نحو ثماني محطات بدل ان ينفرد بها تلفزيون لبنان بموجب الحق الحصري المعطى لـه حتى العـام 2012 .
لم تكن فترة الاشهر الثلاثة كافية لاعادة تنظيم تلفزيون لبنان كما يجب وكما تقضي اصول المهنة التلفزيونية، فاعيد فتحه على عجل في الذكرى الاولى لعيد المقاومة والتحرير في 25 ايار 2001 وكان من الطبيعي ان تتم الاستعانة باصحاب الخبرة من المستخدمين السابقين في تلفزيون لبنان، وصرفت له موازنة ضئيلة جدا” من قبل الدولة وعدد ضئيل جدا” جدا ” من المستخدمين، ومنذ ذلك الحين يحاول تلفزيون لبنان النهوض من جديد في ظل ظروف صعبة وقد اعدت له اكثر من خطة نهوض، وكان آخرها الخطة التي وضعها معالي وزير الاعلام الدكتور طارق متري في اوائل العام 2009 لعرضها على مقام مجلس الوزراء لمناقشتها واقرارها في اول فرصة ممكنة.