الحزب و معادلة “الطائف مقابل المقاومة”…

لم ينحسر الصراخ السياسي والإعلامي على رغم مرور أيام على حادث الكحالة، وانما ارتفع للمرة الأولى تلويح بمعادلة توازي وتوازن بين #الطائف و#سلاح “#المقاومة”، على ما افصح عنها رئيس كتلة “#حزب الله” النيابية محمد #رعد، الامر الذي يذهب بالاصداء الحادة لهذه الحادث الى ابعد مما توقعه المراقبون بدقة لمنسوب التعمق في الصراع السياسي الذي بلغه البلد بعد عشرة اشهر من ازمة الفراغ الرئاسي. وإذ يبدو المشهد الداخلي مع الأسبوع الطالع كأنه شحن بجرعة كبيرة إضافية من التوتر والتعقيد وزيادة الغموض حيال كل الاحتمالات المطروحة لازمة الفراغ الرئاسي الموضوعة في محجر التجميد وانتظار “حوار أيلول” المقترح، تتركز عملية الرصد السياسي في الأيام القليلة المقبلة على ملفين بارزين أولهما يتصل باختبار جديد لـ”لتشريع الضرورة” في ظل الدعوة الموجهة من رئيس مجلس النواب نبيه بري الى النواب لعقد جلسة تشريعية للمجلس الخميس المقبل. اما الملف الثاني الآخذ في توهج تصاعدي فهو رصد التأثير الفوري والاجرائي لتوزيع تقرير التدقيق الجنائي الذي وضعته شركة “الفاريز اند مارسال” على مجريات التحقيق القضائي الجاري في ملف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة والذي أصابه الجمود الأسبوع الماضي بفعل ما بات يوصف بـ”صراع قضائي” يخشى ان يستعيد تجربة الصراعات التي عرفها التحقيق العدلي في ملف انفجار بيروت عقب دعاوى المداعاة بين القضاة المعنيين. وبات بحكم المؤكد ان التقرير الذي شكل بوقائعه الإدانة الأقوى محليا وخارجيا لسياسات سلامة، ولو انه لا يغطي سوى المرحلة ما بين 2015 و 2020، تحول الى عامل الضغط الأقوى قضائيا وقانونيا ومعنويا على الجهات القضائية المعنية بملاحقة ملف سلامة للإسراع في استكمال الإجراءات المتعلقة بإنجاز التحقيقات الجارية معه ومع شقيقه ومساعدته ومن ضمنها بت ما بات يتم تداوله على نطاق واسع من ترجيح اصدار مذكرة بتوقيفه، ولكن هذا الامر لا يزال عالقا بين الاحتمالات بعدما أدى عدم تبليغ سلامة بموعد مثوله امام المحقق المرة الماضية كما ان نشوء دعوى مقاضاة من ممثلة الدولة في وجه قاضي التحقيق أدى الى تأخير إضافي في بت هذا الاجراء.
وتعتقد أوساط متابعة لمجريات هذا الملف قضائيا ان المضمون المتصل بالسياسات والهندسات وأسلوب إدارة المسؤولية الأولى عن مصرف لبنان واوجه الانفاق المالي العام والخاص كما ثبتها تقرير التدقيق الجنائي سيؤدي الى ارغام المعنيين القضائيين والرسميين ( الحكومة وزارة العدل كما مجلس النواب بلجانه المختصة) على الإقلاع عن موقف المتفرج والضغط على القضاء لبت التباينات والتجاذبات بين القضاة المعنيين لادخال مضمون التقرير في صلب الملف الذي يلاحق به سلامة وما يتطلبه ذلك من إجراءات عاجلة لا تحتمل تمييعا .

الجلسة

اما في موضوع الجلسة التشريعية لمجلس النواب الخميس المقبل، فان المعطيات المتوافرة حتى البارحة لم تكفل بعد انعقاد الجلسة لان “تكتل لبنان القوي” لم يقرر بعد او لم يعلن قراره حيال المشاركة في الجلسة من عدمها، ومعلوم ان مصير الجلسة مرتبط بمشاركته لان كتل المعارضة المسيحية والنواب التغييريين وعدد من النواب المستقلين من مقاطعة الجلسات لم يتبدل. وامس اكد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ “الجلسة التشريعية قائمة في موعدها، وأنا حاضر وجاهز”. ولدى سؤاله عما يقوله إزاء إعلان بعض الكتل النيابية رفضها الحضور والمشاركة في الجلسة، أكتفى بالقول “أنا حاضر وجاهز”. وعن رأيه في حادث الكحالة وما خلفه من ردود فعل لفت الرئيس بري إلى أنه سبق أنّ تحدث في هذا الموضوع معتبراً أنّ “لبنان اجتاز قطوعاً كبيراً إثر هذا الحادث”.

في غضون ذلك برز “تطوير” لافت ينطوي على دلالات تصعيدية جديدة في موقف “حزب الله” عبر حملاته وردوده على خصومه ومهاجميه في حادث الكحالة. وتمثل ذلك في ما اعلنه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد من رهن لمصير اتفاق الطائف بسلاح الحزب. وقال رعد في كلمة القاها في الجنوب أن “تداعيات الحادث المؤسف الذي حصل في الكحالة كان بسبب التحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون، والتزامهم طريقا غير طريق الاستقامة الذي يصلح للبلد وللوطن ولمجتمعنا بكل طوائفه ومناطقه”. وأكد “أننا لا نقاتل من أجل منصب ولا من أجل موقع سلطة، وبشهادة خصومنا نتنازل في السلطة عن كل ما يعطل عملنا في المقاومة، وهذا هو الثبات على الحق، ولأن المقاومة بهذا المستوى من الجهوزية في الدفاع عن الوطن، يأتي حلفاء إسرائيل، ويشغلون بعض الأغبياء عندنا في البلد ليحرضوا ضد المقاومة، فهؤلاء قاصرو النظر، وعلينا أن نتحملهم لأنهم أهل بلدنا، ولكن عليهم أن ينتبهوا أن الغلط لا يمكنه أن يتكرر، ولا تجعلوننا نفكر أبعد من أنكم قاصرو النظر وأنكم تريدون أن تخرجوا من التزاماتكم باتفاق الطائف، علما أنه من لا يريد المقاومة، فهذا يعني أنه لا يريد اتفاق الطائف، وبالتالي عليكم أن تنتبهوا إلى أين تأخذون وتجرون البلد” .

 

 

 

وفي سياق توزيع الأدوار بين اركان الحزب تحدث نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم عن الاستحقاق الرئاسي عازيا الانقسام الى “طبيعة تركيبة هذا المجلس النيابي المشتتة اذ يوجد انقسام في اتجاهات عدة وبهذه الحالة المطلوب أن تقترب بعض الاتجاهات من بعضها لتشكل قدرة على الاتفاق. بالنسبة إلينا نحن نعمل على توفير العدد الملائم بالاتفاق بيننا وبين بعض الكتل، وغيرنا يعمل بهذه الطريقة وقد شهدت جلسة الانتخابات الشهيرة في 14 حزيران 2023 في المجلس النيابي أنه كان مطروح إسمان هما سليمان فرنجية وجهاد أزعور ولم يستطيع أي فريق أن يحصل على النصف زائدا واحدا فضلا عن الثلثين في الدورة الأولى بالأصل، إذا المشكلة لها علاقة بالجميع ولسنا نحن وحدنا من يتحمل المسؤولية فقط، وقد سمعنا تصريحات من الطرف الآخر أنه لو تمكنا كحزب الله وحركة أمل ومن معنا أن نتوفق لجمع 65 نائبا في الدورة الثانية فهم سيعطلون الانتخابات لأنهم لا يريدون لمرشح لدينا أن يصل إلى المجلس النيابي، إذا من المعطل؟.. أننا نريد رئيسا وطنيا جامعا للبنانيين ويتعاون معهم جميعا، وينفتح على الدول العربية والأجنبية ولا يكون تابعا ولا يطعن المقاومة في ظهرها، هذه شروط وطنية وليست خاصة “.

اترك تعليق