لا يزال لبنان تحت ضغط أزماته السياسية والاقتصادية والمالية، فالانقسام العمودي الذي تعيشه البلاد وغياب الحوار الهادف الى حلّ الأزمة، يضع لبنان واللبنانيين أمام تحلّل جدي للدولة اللبنانية بما يؤشر الى انهيار المؤسسات الواحدة تلو الأخرى وتفاقم المعاناة في ظل الأزمات التي ستطرق أبواب العديد من القطاعات إذا ما تأخّرت التسوية السياسية أكثر.
في هذه الأثناء، تتجه الانظار الى أيلول لمعرفة مصير المبادرة التي يتولاها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان. وفيما استبعدت مصادر سياسية إمكانية التوصّل الى حلّ في ظل الخلافات القائمة ورفض الحوار، وصفت النائب نجاة عون رسائل لودريان بأنها “بهدلة ما بعدها بهدلة” لأننا نحن الذين أوصلنا أنفسنا الى هذا الواقع المزري لأن النواب لا يريدون التحدث مع بعضهم البعض والبلد على شفير الانهيار الكامل والاحتياط النقدي الذي كان يُقدّر بـ14 مليار دولار، في بداية الأزمة الرئاسية، تراجع الى 7 مليار دولار ونحن بانتظار ما سيقوله لنا لودريان.
عون التي تنفذ اعتصاماً في مجلس النواب الى جانب زميلها النائب ملحم خلف منذ 216 يوماً، اعتبرت في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن أمور البلد لا تُدار بهذه الطريقة، لأن الانقسام الطائفي والمذهبي بلغ الذروة من التعصّب. ورأت في حوار النائب جبران باسيل مع حزب الله بأنه مشروع صفقة جديدة وليست صندوق ائتمان يجري العمل عليه من تحت الطاولة لإيهام المسيحيين بأنه هو المدافع عن وجودهم.
وعلى صعيد آخر، أبدت عون خشيتها على العام الدراسي المقبل إذا بقيت الأزمة على حالها.
بدوره، استبعد النائب بلال الحشيمي أي حل داخلي بعد الوصول الى حائط مسدود، مشيراً في حديث مع جريدة الأنياء الالكترونية الى أن التفلت الأمني المتنقل في المناطق لا يبشر بالخير، متخوفاً من تفاقم هذه الظاهرة الى ما لا تحمد عقباه.
وتعليقاً على الحوار القائم بين باسيل وحزب الله، رأى أن الحزب على ما يبدو لم يعط باسيل أكثر من الصندوق السيادي لكنه فضّل عدم حضور الجلسة التشريعية محاولاً ممارسة ضغط اضافي على حزب الله وهي رئاسة الجمهورية وهو مستعد ليعطي الحزب أكثر مما أعطاه عمه الرئيس السابق ميشال عون، معتبراً أن البلد أصبح في قلب جهنم، مستطرداً “كان يجب أن يتضمن جدول الأعمال مشاريع قوانيين تتعلق بإعادة فتح االدوائر العقارية والنافعة وكل المرافق التي تؤمن المال العام لخزينة الدولة لأن الاستمرار بالاستدانة سيوصلنا الى كارثة محتمة”.
أما في موضوع رسائل لودريان، فرأى فيها لزوم ما لا يلزم وهو لن يرد على الاسئلة الفرنسية لأن الموفد الفرنسي يعتقد بأنه المندوب السامي، مستغرباً محاولة لودريان القفز فوق مقررات اللجنة الخماسية التي تؤيدها غالبية النواب، سائلاً: “لماذا يطلب منا مواصفات الرئيس فليجرّب أن يقنع حزب الله بمقررات اللجنة الخماسية فينتهي كل شيء”.
وفي مقابل المراوحة الداخلية، خرق اللقاء الذي جمع بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان المشهد أمس، ليؤكد أن المصالحة الخليجية مستمرة وما لقاء جدة إلا فصلاً من فصولها، ويؤشر مرة جديدة الى مستقبل المنطقة بعيداً عن النزاعات اذا صدقت النيّات.
وأمام هذا الواقع، يبدو الجمود اللبناني قاتلاً فيما تتجه المنطقة برمتها الى مكان آخر، في حين ينتظر لبنان التسوية من الخارج ويفوّت على نفسه الفرصة تلو الأخرى للنهوض والخروج من أزمته اليوم قبل الغد، الأمر الذي لا ينطبق للأسف على واقع الحال.