قد يكون العنوان الأبرز في واقع المشهد الداخلي المتجه قدماً نحو تشابك الأزمات السياسيّة والمالية والاجتماعية وتصاعد تعقيداتها وتداعياتها أن يخترق هذه “المنظومة المأزومة” وزير السياحة وليد نصّار بكشفه من مهرجان إهمج ليل الجمعة الماضي أنّ “عدد الواصلين إلى لبنان وصل حتى البارحة إلى مليون و350 وافداً من بينهم 30 في المئة من الأجانب”.
ذلك أنّه على مشارف نهايات موسم المهرجانات والاصطياف في أيلول المقبل وما سينتهي إليه من حصيلة وأعداد ومكاسب نهائيّة تبرز المفارقة اللافتة هذا الصيف في اجتذاب لبنان أعداداً مرموقة من أبنائه المنتشرين ونسبة محدودة من السيّاح الأجانب على رغم ازدياد الصورة المتصلة بواقعه تأزّماً وتعقيداً.
ولكن هذا الجانب المضيء على أهميته الاقتصادية والمعنوية لن يقوى على تبديد التداعيات الأقوى بكثير من تآثيراته والتي تتصل بأفق الانسداد السياسي الآخذ في الاشتداد والذي يخشى أن يكون لبنان مقبلاً على مزيد من مضاعفاته. فالأجواء الموصولة بالأزمة الرئاسيّة تتّجه نحو تلبّد كثيف في قابل الأيّام والأسابيع في ظلّ بلوغ مهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان مرحلة محفوفة بالحذر الكبير بحيث بدأت تطرح سيناريوات وتساؤلات من نوع هل يكمل لودريان مهمّته أم يمتنع عن زيارته المقبلة لبيروت في أيلول.
وتأتي هذه الأجواء في ظلّ ردّة الفعل السلبيّة الواسعة على الرسائل التي وجّهها الموفد الفرنسي إلى النوّاب فيما تنذر هذه الأجواء بعدم إرسال النوّاب أقلّه في نسبة كبيرة منهم الأجوبة التي طلبها لودريان في رسالته. وهذا الاحتمال بدآ تداوله داخليّاً من دون أي استناد إلى أيّ معطيات فرنسية إذ لم تظهر بعد أيّ ردّة فعل فرنسيّة حيال الأجواء المثارة في بيروت على رسالة لودريان وثمّة ترقّب لدى مختلف الأفرقاء لأيّ موقف يصدر عن باريس في هذا الصدد لتُبنى عليه الحسابات التالية.
ولذا تتّجه الأمور نحو مزيد من التعقيد الداخلي الذي يمليه انتظار الاتجاه الحاسم للتحرّك الفرنسي ولا يبدو أن ثمّة معطيات ثابتة يمكن رسم الصورة الواضحة لمجريات الازمة الرئاسية على أساسها قبل حلول أيلول وكل ما يثار الآن هو في معظمه من “عنديات” القوى المحلية المفتقرة غالباً للدقّة والصدقيّة.