هوكستين في بيروت: عرض أميركيّ مغرٍ

آموس هوكستين في بيروت أواخر آب الجاري أو مطلع أيلول على أبعد تقدير.
هذا ما أكّدته لموقع “أساس” مصادر موثوقة من العاصمة الأميركية.

تشير معلومات “أساس” إلى أنّ زيارة كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة للعاصمة اللبنانية ستسبق حتماً عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان.

لم يتأكّد بعد موعد الزيارة الفرنسية، ويقول البعض إنّ مبدأ الزيارة – العودة لم يتأكّد بعد، لكنّ المصادر الأميركية تجزم حصول زيارة هوكستين، علماً أنّ ملفَّيْ الموفدين مختلفان، ومهمّتيهما متمايزتان.

مهمّتان متمايزتان
يتابع لودريان الاستحقاق الرئاسي، بدءاً من مبادرة إيمانويل ماكرون التي تعثّرت، ثمّ قيل إنّها دُفنت، وصولاً إلى خماسية الدوحة في 17 تموز الماضي وما صدر عنها من بيان دولي بشأن الرئيس العتيد للبنان.
أمّا هوكستين فمهمّته حدوديّة بحتة. إذ تكشف مصادر واشنطن لموقعنا أنّ الموفد الأميركي آتٍ في سياق متابعته لملفّ الحدود بين لبنان و”دولة إسرائيل”، كما سمّاها اتفاق الطرفين قبل نحو سنة. وفي محطّته اللبنانية المقبلة، يحمل هوكستين مبادرة تتعلّق بملفّ الحدود البرّية في جنوب لبنان. وهو ما كانت واشنطن قد فاتحت به المسؤولين اللبنانيين قبل أشهر طويلة. لكنّه سُحب من التداول لأسباب قيل يومها إنّها تتعلّق بالتعقيدات الداخلية لكلّ من سلطتَيْ بيروت وتل أبيب، إذ تواجه الأولى فراغاً رئاسياً، فيما تجابه الثانية حالة اعتراض شديد على حكومة بنيامين نتانياهو.

عرض أميركيّ مغرٍ
لكنّ الأبرز في ما تكشفه الأوساط الأميركية لموقعنا هو أنّ هوكستين قد يحمل للبنان عرضاً أميركياً مغرياً جدّاً، أي أنّه يأتي وفي يده مبادرة لمعالجة ملفّ الحدود البرّية تجيب عن مطالب لبنان المزمنة والمتعدّدة، من رأس الناقورة حتى خراج بلدة الماري، أو ما يسمّى إعلامياً بقرية الغجر الشرقية، مروراً بكلّ نقاط الخلاف والتحفّظ والتخطّي، وسواها من الإشكالات الحدودية بين لبنان وإسرائيل.
تضيف أوساط واشنطن لموقعنا أنّ مبادرة كاملة كهذه لا يمكن للإدارة الأميركية أن تحملها إلى بيروت ما لم تكن منسّقة مسبقاً مع تل أبيب، وبالتالي تحوز موافقة إسرائيل وتمثّل مبادرة أميركية إسرائيلية مشتركة حيال لبنان.

أمّا لماذا هذه المبادرة الإيجابية، أو حتى المغرية، كما تصفها مصادر واشنطن، الآن بالذات؟ ولماذا في هذا التوقيت السياسي المستغرب، في ظلّ شغور رئاسي وحكومي وسلطوي كامل في لبنان؟ فهذا ما لا تملك المعلومات الأميركية جواباً عليه. غير أنّها تتابع قراءتها لموقعنا بالقول إنّها ترجّح أن تكون السلطات اللبنانية السياسية الرئيسية قد تبلّغت بالأمر، إن لجهة زيارة هوكستين، أو لجهة الخطوط العريضة والعناوين الرئيسية للمبادرة التي يحملها. وهي تعتقد أنّ الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي قد باتا في جوّ المسألتين بلا شكّ.

ميقاتي وبرّي معنيّان
تضيف أنّ هذا الاعتقاد هو ما يفسّر حركة التنسيق والتداول والنقاش المكثّفة في الأيام الأخيرة بين رئيس المجلس ورئيس حكومة تصريف الأعمال. ولا شكّ أنّهما يبحثان في مضمون ما وصلهما، وبالتالي في الأجوبة التي يمكن لبيروت أن تقدّمها للموفد الأميركي، ردّاً على ما يحمله من طرح وعرض ومبادرة.
سيكونان الرجلان معنيّين بتلقّف المبادرة الأميركية من جهة، ومن دون حشر الحزب من جهة أخرى، مع إدراكهما أنّ الأخير سيواجه امتحاناً صعباً حيال هذا الملفّ، إذ سيكون بين أن يلتزم مصلحة لبنان على حساب ذرائعه المعلنة لحمل السلاح، وبين أن يرفض المصلحة اللبنانية ويظهر أمام اللبنانيين فصيلاً مسلّحاً تابعاً للحرس الثوري في بيروت وحسب.

تعتقد أوساط واشنطن أنّ هذه النقطة بالذات هي على الأرجح ما يربك كلّاً من ميقاتي وبرّي. فهما يتباحثان فيما بينهما في ما يمكن أن يكون ردّ الحزب. فهل يسهّل حلّاً يشكّل نقطة انطلاق لإنقاذ لبنان أم يرفض ويعرّي نفسه أكثر داخلياً وخارجياً، مع ما لكلٍّ من هذين الاحتمالين من تداعيات ومفاعيل على الجميع في بيروت، وخصوصاً في ظلّ كلام خماسية الدوحة عن إجراءات بحقّ معرقلي الحلّ اللبناني، وبعد النموذج الأميركي القاسي ضدّ رياض سلامة ومجموعته العائلية؟

يختم المتابعون: ربّما هذا ما يفسّر حقيقة توتّر ميقاتي هذه الأيام. فإذا وضع أمام خيارين: إنقاذ لبنان أو تجنّب إغضاب الحزب، فماذا يختار؟!

ربّما هذا هو البعد الوحيد الذي يفسّر توقيت زيارة هوكستين، قبل زيارة لودريان لبيروت، إذ في حال جاءت الأجوبة اللبنانية سلبيةً سيكون الردّ على أصحاب العرقلة الرئاسية والحدودية، دفعةً واحدةً، رئاسياً وحدوديّاً معاً.

اترك تعليق