قرار مجلس الأمن التمديد للقوة الدولية الموقتة العاملة في جنوب لبنان سنة اضافية، فاق التوقعات وتجاوز حدّ التمديد الى منح «اليونيفيل» حرية الحركة والتجول حيث تريد في الجنوب، ولو رحّب استدراكاً بالتنسيق بين عناصرها والجيش اللبناني. وتحدث عن انسحاب إسرائيل من شمال الغجر، إلا أنه أعرب عن «قلقه من نصب الخيم جنوب الخط الأزرق في مزارع شبعا». ظهر «ارتياح لبناني رسمي لنتيجته» لما تضمّنه لجهة «التنسيق مع الجيش حيث تدعو الحاجة، والإنسحاب من الغجر»، وتقول مصادر ديبلوماسية رسمية إن البيان «أرضى الكل»، وتختصر كواليس البحث بالقول: «قبِل الفرنسيون بمطالب لبنان ودونوا المسوَّدة على أساسها، لكنهم تراجعوا بسبب ضغوط أميركا والإمارات»، وتتابع «طالب لبنان بالتنسيق القوي فكان أنّ أُقر تنسيق أقل من عادي، وطالب بتثبيت الحدود لمنع الخروق فرفضوا تضمينها البيان. ذهب لبنان بنية اعتبار القرار المقرّ سابقاً على أنه فصل سابع مقنع، ولم يستطع تحقيق ما يريد، لكنه الحد الأدنى من المطلوب». وتؤكد المصادر عينها «أنّ كل ما قام به عبدالله بو حبيب، وما قاله، انما جاءا التزاماً بقرارات الدولة وبعد تشاور مع رئيس الحكومة، بما فيه مسألة سحب رسالة لبنان المطالبة بالتمديد لـ «اليونيفيل» التي وافق عليها رئيس مجلس النواب نبيه بري وطرحها لبنان على سبيل الضغط».
لكن القرار الذي رضيت به الديبلوماسية اللبنانية واعتبرته انتصار الحد الأدنى أثار استياء «حزب الله»، فالخلل الكبير حصل العام الماضي، ولو لم تتغافل الحكومة اللبنانية عن الأمر لما كنّا وصلنا الى ما وصلنا اليه. لم تكن الإمكانية متوافرة لتعديل القرار الذي أقرّ العام الماضي أو الغائه، ولو أيدت الدولة ذلك لوضعت اميركا «الفيتو» بالمقابل. كان يفترض الإلتفاف على القرار المرة الماضية «مر في غفلة من الزمن وتقاذف الجميع المسؤولية، رئيس الحكومة قال لم أبلغ ومندوبة لبنان قالت سبق وبلّغت مرات عدة، وبو حبيب قال لا دخل لي».
في قراءة أولية لـ»حزب الله» أن «أميركا وفرنسا استجابتا للمطلب الإسرائيلي»، معتبراً انه «فشل كبير للبنان رغم بعض الجهود التي بذلت في الآونة الأخيرة». قد تكون الجهود تأخرت بعض الشيء، أو لم يتم الإستعداد لها بالشكل المطلوب «ليس وقت البحث عن ذرائع، لكنه عالم لا يحترم إلا الأقوياء. حين تذهب دولة الى الأمم المتحدة من دون استخدام عناصر القوة ستصل الأمور الى هذا الحد»، ولكن إزاء التصويت على تمديد مقرون بحرية الحركة ينصح «حزب الله» قوات «اليونيفيل» بأن «تنتهج سياسة العام الماضي فتنسق عملياتها مسبقاً مع الجيش اللبناني والحكومة، وإلا سيتحول هذا القرار حبراً على ورق ولا يمكن تنفيذه».
وفي معرض تعليق مصادره المقربة على ما ورد في نص البيان من «حرية الحركة، ثم الترحيب بالتنسيق مع الجيش»، اعتبر «الحزب» أن هذا يعني أنّ لـ»اليونيفيل» التحرك كما تريد والقيام بما تريد»، والتعبير ضمناً عن الخشية «من ردة فعل الأهالي»، أي «كأنهم يقولون من الأفضل التنسيق لكننا أحرار في القرار»، وهذا غير صحيح تتابع المصادر قولها «ليسوا أحراراً في القرار، هم موجودون على أرض لبنانية ويجب لخطواتهم ان تنسق مسبقاً مع الجيش اللبناني، واذا تجاوزوا صلاحياتهم من دون وجه حق فلا شك في أن أهالي الجنوب سيحولون هذا القرار حبراً على ورق».
يتعامل «حزب الله» مع القرار على أنه مجرد «مكسب إعلامي سياسي لإسرائيل في الأمم المتحدة وخسارة للديبلوماسية اللبنانية، ولكن لا يمكن تنفيذه من دون التنسيق مع الجيش»، رافضاً ملاقاة الديبلوماسية اللبنانية الى اعتباره «حلاً وسطاً»، بل «اعتداء على السيادة الوطنية، لأنه يمنح «اليونيفيل» حق القيام بما تريد، ولكن الأفضل ألا تفعل. ولأن السيد نصر الله قال سنحول القرار حبراً على ورق، لجأوا الى الفقرة الثانية اي التسوية. هم يقولون لنا الحق بفعل ما نريد، ولكن لا نملك القدرة على ذلك».
وأبعد من مجرد قرار امتنعت روسيا عن التصويت له لعدم استفزار إسرائيل، بينما آثرت الصين عدم التصادم مع أميركا، فإن الهدف من القرار بصيغته التي أقرت «ضغط اسرائيل على «اليونيفيل» للوصول الى المعلومات بعدما فقدت سيطرتها على الأجواء ولم يعد لديها ما يكفي من الجواسيس لمدها بما تريد من معلومات»، وهذه مهمة «لا ينفّذها الجيش»، و»بصريح العبارة تريد اسرائيل تحويل جنود «اليونيفيل» الى جواسيس، وتقوم بموجب القرار بما تريد ونحن نقول لن تستطيع». لكن كل ذلك لا يعني ان المنطقة مقبلة على توتر»ما دامت «اليونيفيل» تنسق حراكها مع الجيش»، وإلا فالتجارب السابقة شاهدة «عندما قطعوا الطريق في العاقبية من دون التنسيق مع الجيش، والأخير هو الذي يؤمن لهم المناخ الآمن، وإلا لا يكون بمقدورهم التحرك»