بالرغم من المحاولات الدولية لإنعاش الاستحقاق الرئاسي، ما زال هذا الملف في غيبوبة ولا يتجاوب مع كل التدخّلات التي تعمل على ضخ الروح فيه وإخراجه من العناية الفائقة، حيث لم يبرز ونحن على عتبة طي عام كامل من الشغور الرئاسي أي مؤشرات تنبئ باحتمال حصول انفراج رئاسي قريبا، وانه لولا جولات الموفدين العاملين على الخطوط القطرية – اللبنانية والفرنسية – اللبنانية بحثا عن المخارج التي تلقى قبولا من كل القوى السياسية لكن الملف الرئاسي في غياهب النسيان في ظل التصحّر السياسي الداخلي، و«التناتش» اليومي بين الأفرقاء اللبنانيين حيث يبرع كل فريق بإلقاء اللوم على الفريق الآخر واتهامه بانه هو من أوصل البلاد الى هذه المرحلة من التردّي على كل المستويات.
وبات واضحا ان استمرار كل فريق متمترسا خلف مرشحه لن ينتج رئيسا، ولن يأتي بأي جديد باستثناء الخواء السياسي والاختناق الاقتصادي والاجتماعي الضاغطين على الواقع المحلي بفعل النزوح السوري المتفلّت من أية ضوابط، مستفيدا من تبعثر المواقف السياسية حوله، حيث ان الجميع يئنّ ويعنّ من مخاطر هذا النزوح، لكن أحدا لم يضع خارطة طريق أو برنامج محدد للتخفيف من عبء النازحين الذين بات لديهم مرجعية دولية يتلطون خلفها.
وإذا كان النصف الأول من هذا الشهر سيشهد تنشيطاً لحركة الموفدين، الفرنسي جان إيف لودريان، والقطري جاسم بن فهد آل ثاني بالتنسيق مع ممثلي الخماسية، فان أي من المعنيين بالملف الرئاسي في لبنان لديه فكرة الى ما سيؤول إليه هذا التحرك، لا بل ان كل من يتحدث عن الشأن الرئاسي، يعطي انطباعا بان أفق الحل ما زال مسدوداً، مع فارق بسيط وهو ان بعض هؤلاء يعلقون آمالا على إمكانية أن يفتح الموفد القطري الذي يحيط تحرّكه بالسرية التامة خرقا ما في جدار الأزمة ، يمكن النفاذ منها الى بلوغ الحل ولو تأخّر ذلك الى العام المقبل، معللين ذلك بان الموفد القطري ترتبط بلاده بعلاقة مميزة مع القوى السياسية كافة، وهذا الأمر يعطي الموفد القطري هامشاً أوسع للتحرك من لودريان.