في الوقت الذي يبدو فيه الفراغ الرئاسي طويل الامد، تدخل قيادة الجيش ضمن خطوات الفراغ المرتقب في 10 كانون الثاني المقبل، ويتضمّن ايضاً منصب رئاسة الاركان في الخانة عينها، اي فراغات لأهم المناصب، الامر الذي يطرح المخاوف بالتزامن مع الخلافات والانقسامات الداخلية على خط تعيين رئيس للاركان، اي الوحيد الذي يجيز له القانون تولي منصب قائد الجيش في غيابه.
وفي هذا السياق برزت منذ فترة خطوة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لمدة 3 سنوات من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، لكن المَخرج الذي سيتم إعتماده لم يظهر بعد الى العلن، لانه محتاج الى التوافق الذي يتطلّب ككل مسألة او قضية وساطات ومفاوضات بين جميع القوى السياسية وإلا سيبقى يراوح مكانه، على غرار اكثر القضايا العالقة، بحسب “الديار”، لكن هنا لا احد يملك ترف الوقت، خصوصاً ضمن المؤسسة العسكرية الوحيدة التي لا زالت تعطي وتقوم بواجباتها على أكمل وجه، على الرغم من كل ما تتعرّض له من ضغوطات وهجوم من قبل البعض ، على خلفية الموقع الرئاسي وطرح إسم قائد الجيش كمرشح بارز وتوافقي مقبول من الداخل والخارج.
الى ذلك، لن تؤثر خطوة التمديد للعماد عون في المؤسسة العسكرية على وضعه الرئاسي كمرشح وسطي، لان التوافق على شخصه مطلوب اولاً، وعندها يحصل التعديل ويتواجد المَخرج المطلوب، ومَن يعتقد ان مغادرة العماد عون لليرزة ستلغي حظوظه من دخول القصر الجمهوري فهو خاطئ، وفقاً لما تقوله مصادر سياسية متابعة لما جرى ويجري على الساحة اللبنانية، من هنا تستذكر هذه المصادر حين عيّن مجلس الوزراء في آذار 2017 العميد الركن جوزف عون قائداً للجيش بعد ترقيته الى رتبة عماد، في اطار سلسلة تعيينات امنية هي الاولى بعد انتخاب رئيس الجمهورية حينئذ العماد ميشال عون، وتشكيل حكومة شاركت فيها القوى السياسية الرئيسية. وقد أتى تعيينه قائداً للجيش بعد تمديد ولاية سلفه العماد جان قهوجي لمرتين، نتيجة تعثّر الاتفاق بين الاطراف السياسية على مرشح بديل، بفعل الانقسامات الكبرى التي شهدها لبنان قبل التوصل الى تسوية، ادت في نهاية تشرين الاول من العام 2016 الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبلاد.
وعلى الخط التمديد للعماد جوزف عون اليوم فالوضع يختلف، لانه يعاني سياسياً من تشرذم كبير، وبالتالي فأكثر من طرف رافض لهذه الخطوة، خصوصاً وزير الدفاع موريس سليم، الذي يمثل وجهة نظر ” التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب جبران باسيل في حكومة تصريف الاعمال، فضلاً عن الخلاف السياسي السائد بين سليم وميقاتي، مما يعني انّ ما جرى على خط المدير العام للأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم، وقبله حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، لجهة تولي منصبهما بالانابة، لا يمكن ان ينسحب على قائد الجيش بسبب غياب رئيس الاركان، ورفض اكثرية الاطراف تعيين آخر يتولى مهمة قائد الجيش، بعد تقاعده او لسبب صحي، وفق ما يشير قانون وزارة الدفاع.
وعلى خط وزير الدفاع فيفضّل تكليف اللواء بيار صعب، اي تبعاً للتراتبية، وينطلق بذلك من القانون، ولكنه يلقى رفضاً من ميقاتي ومن أفرقاء آخرين، فيما يصّر الحزب “التقدمي الاشتراكي” والوزير السابق وليد جنبلاط على تعيين البديل عن رئيس الاركان السابق امين العرم، بهدف إبقاء المنصب من حصة الطائفة الدرزية، وكل هذا يعني أزمة ستبرز قريباً الى العلن، وستكون معركة شد حبال في حال لم يتدارك المعنيون صعوبة وخطورة الوضع، جرّاء الفراغ في المؤسسة العسكرية.
في موازاة ذلك، وبهدف عودة المياه الى مجاريها بين وزير الدفاع وقائد الجيش من ناحية التوافق على الامور المطلوبة، ومن ضمنها توقيع سليم على الطلبات التي تحال اليه من قبل قيادة الجيش، لان الخلاف لم ينته وفق المقرّبين، لذا بدأت الوساطات تلعب دورها بعد محاولة ميقاتي جمع الطرفين، فضلاً عن قيام مسؤول امني بارز للخطوة عينها، من دون التوصل الى خاتمة ايجابية لغاية اليوم.