أشار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، إلى أن “13 تشرين 1990 هو تاريخٌ حَفر في ذاكرتِنا ووجدانِنا عميقاً، وَصقَلَ شخصيّتَنا السياسية لدرجةِ اننا نعتبرُ انفسَنا ابناءَ 13 تشرين- ابناءُ مدرسة رأت في النهايةِ بداية، فنهايةُ المقاومة العسكرية صارت بدايةَ المقاومة السياسية، مدرسةٌ رأت في الخسارةِ ذلاً للرابحين، وفي الربحِ شَرفاً”.
وجاء كلام باسل خلال زيارته إلى دير القلعة في بيت مري حيث وضع أكاليل من الغار على نية الأبوين سليمان أبي خليل والبير شرفان الذين استشهدا في 13 تشرين.
وقال باسيل: “نحن ابناءُ مدرسةٍ حوّلت انكسار ارادةِ شعبٍ امام صفقة دولية، الى وعيٍّ وطني كرَّسَ اولويّة السيادة الوطنية وعبَّرَ عنها في عام 2005 بوجه الوصاية، وفي عام 2006 بوجه الاحتلال. مدرسةٌ قادَها جنرالٌ مؤمنٌ بأنَّ لا وطنَ من دون سيادة، وعندما أُنجِزَ التحريرُ، انتقل الى معركةِ التحرّر اقتناعاً منه بأن لا دولة من دون مواطن مُتَحرّر من الزبائنية والتبعية والفساد”.
وأضاف، “ارادة التحرير جلبت على الجنرال وعلينا 13 تشرين 1990، فكان عسكرياً بامتياز. اما ارادة التحرّر فجلبت عليه وعلينا 17 تشرين 2019، فكان ما وَصَفتُهُ بـ 13 تشرين اقتصادي. ولأننا ابناء 13 تشرين لم يتمكّن منّا 17 تشرين– فها نحن تصدّينا لمؤامرات الخارج واموالِه ومنظماته، ولمنظومة الداخل، وللإعلام وتنمرِّه، فصمدنا وانتصرنا على من ارادَ دفنَنا سياسياً”.
وتابع باسيل، “نحن بقَينا في الميدان، امّا هم فرَحلوا عن الساحات والشاشات. سقطت كذبتهم وبقيت حقيقتنا. ولم يتمكّن مستغلو 17 تشرين ان يمحوا نضالات 13 تشرين. نقاء الصادقين في 17 تشرين دنّسته أموال المتآمرين، امّا نقاء 13 تشرين، فقدّسته دماء الشهداء التي لا ثمنَ لها، دماءٌ يبقى مديناً لها مدى الحياة التيّار الوطني الحرّ الذي وُلِدَ من رَحمِ الجيش اللبناني وشهدائه الأبطال الأبرار”.
وأردف باسيل، “أن تبقى حرّاً سيّداً مستقلاً وأنت في الحكم، أمرٌ بغاية الصعوبة. اذ عليك ان تمارس هذه القيم بمسؤولية وتعرفَ حدودَها، دون أن تتخلى طبعاً عن أي منها. فالحريّةُ توجبُ عليكَ احترامَ حريّةِ الآخرين. والسيادةُ تَفرُضُ عليكَ ان تكرِّسها بالقانون على ارضِك. امّا الاستقلالْ، وان كان قيمةً مطلقة فإنَّ حدودَه هي مصلحةُ بلدِك”.
وإستكمل، “الفساد بمفهومِه مناقضٌ للقانون ما يعني انه يضرب مبدأ سيادة القانون، اضافةً الى انه يدمّر مؤسسات الدولة ويجفّفُ مواردَها ويحوّلُ ثرواتِها الى جيوبِ المنتفعين او مصالح الخارج المتحكّم بالداخل، وبالتالي يُفقدُ الدولةَ إمكاناتها المالية، اي انه يحرِمُها من ممارسةِ استقلالها المالي، وفي حالة لبنان يضعُها في جيبِ الخارج ومصالِحه. كلُّ هذا يحرم المواطن من حقوقه في هذه الثروات والموارد، ومن معيشة كريمة، ويكبّله بالتَبعيّة لسياسي متسلّط، ويفقدُه حتماً الحريّة الفرديّة بسبب الحاجة والعوز ان لم نقل الفقر والذلّ”.
وتطرّق باسيل إلى ملف النازحين السوريين، قائلا: “النزوحُ الكثيفُ الذي يشهدُه بلدُنا يتخطّى كلِّ قدرةٍ على استيعابِه بالجغرافيا او الموارد او الديمغرافيا، ولا يرضاه ايُّ بلدٍ في العالم، وهو يتجاوز كلَّ رقمٍ قياسي بنسبةِ حجمِه وكثافتِة السكانية. هذا النزوح العشوائي المنظّم يضربُ كلًّ المواثيق والقوانين الدولية، كما انه يناقضُ كل القوانين اللبنانية، وبالتالي فإن النازحَ الإقتصادي الذي يعملُ خلافاً للقانون ويقيمُ خلافاً للقانون ويرتكِبُ كلَّ انواعِ المخالفات، يَضرِبُ السيادةَ بعمقِها”.
وأشار إلى أن، “اضافة الى انّ حرمان المواطنَ من حقوقِه في العمل والتعليم والكهرباء والمياه والمواصلات كون النازحْ يقاسِمُه ايّاها عنوةً، يحدّ من حريّاته المعيشية ويقيّده بوجودِه، فيصبحُ النازح بحكمِ حصولِه على مساعدات الخارج، متقدِّماً على ابن الأرض، زد على ذلك، ان شعباً عندما يُضطر لهجرةِ وطنِه بسببِ فقدانِه لفُرصِ الحياة ولحقوقِه فيه، ويتمُّ استبدالُه بشعبٍ آخرَ يأخذُ مكانَه في الحقوق والفرص، تتغيّرُ هويّة الوطن وعاداتُه وتقاليدُه، ولا يبقى منه شيءٌ، ويفقد حُكماً استقلالَه لأنه يصبح تحت ارادة شعبٍ آخر، يتدرّجُ بمواطنيّته ليصبح وجودُه توطيناً ثم احتلالاً مُشرّعاً بقوّة الأمر الواقع والحقوق المكتسبة، فلا يبقى لنا وطن بل يصبح مشاعاً”.
ولفت باسيل إلى أن “هل لنا ان نسأل ما ارتباط الاقتصاد بالحريّة والسيادة والاستقلال؟ وهل من دولة من دون اقتصادٍ حيوي؟ وكيف يكون الاقتصاد في لبنان حيّاً من دون اصلاحات ومن دون لامركزية تنموية مناطقية، وادارية مالية موسّعة، ومن دون صندوق ائتماني يحفظ ممتلكات الدولة ومرافقها، ويؤمّن الموارد وفرص العمل، ويحقّق الخدمات السوّية والفعّالة؟ هذا نضال واجب علينا برئاسة او بدونها، قبلها او بعدها”.
وأضاف، “ان الانسان امّا ان يكون حراً سيّداً مستقلاً في كينونته، أو لا يكون. والاّ يكون مستخدماً او اجيراً، ليس في دولته بل لدولةٍ لها في بلده سياساتها ومصالِحها. ومن يظنّ ان تسويات او اتفاقات او احداثاً خارجية كأحداث غزّة مؤخراً، تفرضُ علينا رئيساً، لصالح هذا او ذاك، من هنا او من هناك، بحسب نتائجها، والخاسر والرابح فيها، فهو واهم واهم. ان هذا يزيدُنا تمسُّكاً بحريّتِنا وسيادتِنا واستقلالِنا وخياراتِنا. لا تنسوا معادلة الداخل، لذلك تعالوا ننتخب رئيساً بالتفاهم الآن، دون انتظار نتائج الحرب التي ستطول للأسف”.