دخلت الحرب المدمّرة على غزة يومها الثامن عشر، في ظل الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة على القرى الحدودية في جنوب لبنان والمواجهات مع حزب الله، وسط الدعوات المتكررة التي أطلقها الرئيس وليد جنبلاط لتحصين الجبهة الداخلية ومواكبة ما يجري تحسباً لانزلاق الأمور نحو الأسوأ، معتبراً أن “هذه المرحلة قد تكون أخطر مرحلة من الحروب طيلة حياتي السياسية، ومصير لبنان على المحك”.
دعوة جنبلاط تأتي بالتشاور مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي بهدف تفعيل الحكومة والارتقاء الى مستوى الحدث والأخطار المحدقة بلبنان، والانتقال من المهم الى الأهم. هذه المواقف دفعت الأمور باتجاه البحث عن مخارج للأزمة وتأمين صمود اللبنانيين لمواجهة الوضع الأمني المتفجّر في الجنوب وعلى طول الحدود مع اسرائيل، كما مخاطر تحوّل المواجهات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي الى حرب واسعة. وقد سُجل أمس تحرك لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل باتجاه السراي الحكومي وكليمنصو للقاء كل من الرئيس ميقاتي وجنبلاط، كما أجرى اتصالاً بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على أن يلتقي اليوم الرئيس بري.
مصادر سياسية أشارت للأنباء الالكترونية الى أن تحرّك باسيل يأتي في أعقاب الانتقادات التي وُجهت للقيادات المسيحية، وتحميلهم مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية، وترك البلد مكشوفاً في هذا الظروف الدقيقة التي يمرّ بها لبنان بدون رئيس جمهورية، ومن دون حكومة فاعلة ومجلس نيابي مقسوم.
واستبعدت المصادر التوافق على انتخاب رئيس جمهورية في هذه الأوضاع المعقدة لكن الاتصالات التي يقوم بها باسيل قد تحرك المياه الراكدة، وتفتح باباً للحوار والاتفاق بما يخص المؤسسة العسكرية منعاً للفراغ في قيادة الجيش، إما عن طريق التمديد لقائد الجيش جوزف عون الذي يحال على التقاعد في كانون الثاني من سنة 2024 وتعيين المجلس العسكري وقائد أركان او الاكتفاء بتعيين قائد أركان منعاً للفراغ.
المصادر نقلت عن باسيل رغبته بالتواصل مع كل القوى السياسية بما فيها القوات اللبنانية، لكن لقاء باسيل مع رئيس حزب القوات سمير جعجع والوزير السابق سليمان فرنجية لم يتقرّر بعد.
وفي السياق، أشار عضو تكتل لبنان القوي النائب سيزار أبي خليل في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن المبادرة التي يقوم بها باسيل تأتي شعوراً منه بالمسؤولية تجاه الأوضاع المتفجرة التي تمر بها المنطقة، وذلك بالتواصل مع القيادات السياسية للتداول معهم في كيفية حماية لبنان وتحييده عن حرب ممكن جداً أن تكون مدمرة. مع التأكيد على تضامننا مع الشعب الفلسطيني في غزة، لكننا أيضاً ضنينين بأهلنا في لبنان والحفاظ عليهم وإبعاد الخطر عنهم.
وعن مسألة تفعيل الحكومة وحضور وزراء التيار جلسات مجلس الوزراء، أوضح أبي خليل ان الاتصالات ما زالت في بداياتها وأن هذا الموضوع لم يُناقش بعد.
وفي موضوع انتخاب رئيس جمهورية، قال أبي خليل: “إذا كان بالإمكان انتخاب رئيس جمهورية فالمسألة ليست مستحيلة ونحن جاهزون للذهاب الى المجلس وانتخاب الرئيس”، مؤكداً أن ياسيل سيزور اليوم عين التينة للقاء الرئيس بري واللقاء مع كل القوى السياسية الفاعلة.
وعن أجواء اللقاءات مع ميقاتي وجنبلاط، أشار الى العديد من المواضيع المتطابقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي بالنظرة الى المرحلة القادمة لتحييد لبنان وتتطابق بالهدف لحماية بلدنا وكذلك الأمر مع رئيس الحكومة من أجل تحييد لبنان وعدم زجه في الصراعات القائمة.
وتبقى العبرة في مدى جدية هذه الاتصالات ومقاربتها للملفات العالقة، فالبلد يسير على حافة الحرب والأمور لا تحتمل الإنتظار. فهل تعي القوى المستنكفة عن التواصل والحوار خطورة المرحلة؟