فيما حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة مستمرة لليوم الثالث والثلاثين، مع ما يترافق ذلك من تدمير ممنهج لتقطيع أوصال القطاع في محاولةٍ من جيش الاحتلال للسيطرة على الجزء الشمالي من غزة ودفع السكان الى النزوح جنوباً، فإن الهجوم البرّي على غزة يُواجَه بمقاومة شرسة من المقاومة الفلسطينية التي توقّع الإصابات المباشرة في صفوف الاحتلال ومناطقه.
وفي وقت تستمر المواجهات الميدانية على أشدها ما ينذر باتساع رقعة الحرب وانزلاق الأمور نحو الأسوأ، وخاصة بعد فشل اجتماع قمة الدول السبع الذي انعقد في اليابان، بالتوصل الى هدنة إنسانية لمدة أسبوع ثم جرى تقليصها لثلاثة أيام فقط، فإن الخوف من اتساع دائرة المواجهات وتحويلها الى حرب اقليمية قد يكون السبب المباشر لزيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين والسريعة لبيروت، خصوصاً وأن جنوب لبنان يعيش وطأة الحرب بشكل مستمر، بفعل الإعتداءات الإسرائيلية التي ترتفع وتيرتها وكثافتها كل يوم.
مصادر مواكبة للإتصالات التي أجراها هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين، كشفت لجريدة “الأنباء” الالكترونية أنه يمكن إعطاء زيارة الموفد الاميركي الى لبنان عنوانين:
الأول يندرج في إطار الموقف الأميركي المُعلَن بتوجيه الرسائل الى لبنان من أجل الضغط على حزب الله لعدم توسيع دائرة الحرب وتحويلها الى إقليمية.
أما العنوان الثاني فتقود إليه المضامين المنضوية وراء كلام هوكشتاين، حيث بدا واضحاً أن الرجل الذي يعتبر أنه حقق إنجازاً أساسياً بملف ترسيم الحدود البحرية، يضع جهده باتجاه عدم تطيير كل ذلك على المستوى الشخصي وخدمةً لإسرائيل أيضاً، وحاول القول إن عدم اتساع الحرب في المنطقة يمنع تدمير كل ما تحقق، واضعاً هذا العنوان بمثابة تحذير إضافي للبنان ومعه حزب الله.
النائب الياس جرادي علّق في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية على زيارة هوكشتاين الى بيروت، معتبرا أنه يمكن النظر اليها من عدة أوجه، “فإذا كنا حريصين على عدم تفلّت الأمور نحو الأسوأ، فالزيارة تندرج في هذا السياق لإرساء التفاهمات التي كانت قائمة سابقاً سواء من خلال الترسيم البحري أو الحدود البرية التي تأتي بهذا السياق ليقول انه ملتزم به. وبالمقابل يجب وضع بعض القيود لمنع التفلّت لذلك يمكن النظر للزيارة من الناحيتين”، مشيرا الى أن “المصالح الاميركية ما زالت قائمة في المنطقة، وهذا يفضي برسائل ضبط التصعيد وعدم تفلّت الامور”.
أما الملفات العالقة داخلياً فهي لا تزال على حالها بل وستبقى قيد الجمود بفعل التضاد القائم بين القوى المعنية رغم تكثف الاتصالات لحلحة ذلك. وفي هذا الشأن أعرب جرادي عن “الأسف لكون ما لم يُنجز في وقت السلم لا يمكن البحث به في هذه الأجواء. حبذا يوم كان لدينا فرصة لنطبق الدستور ونتلقف الدعوة للحوار بإيجابية”، مضيفاً “قد يكون الوقت مناسباً لإنقاذ البلد والتداول بالموضوع بشكل طارئ، لكن بهذه الذهنية هناك مَن يحاول أخذ الاستحقاق الرئاسي لتسجيل مكاسب شخصية، ليس وقتها الآن”.
وأمام هذا الواقع، يبقى السؤال هل يتلقف معرقلو الاستحقاقات التحذيرات من انزلاق الأمور نحو الأسوأ للتخلّي عن أنانياتهم وحساباتهم الضيّقة وتغليب مصلحة البلد على مصالحهم الخاصة؟