تتمهل الحكومة اللبنانية قبل اتخاذ أي قرار متصل بحل إشكالية الشغور في موقع قيادة الجيش، وذلك لبلورة تفاهمات أوسع، عبّر عنها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي بالقول إنها «بحاجة إلى مزيد من النقاش؛ كي لا يكون الموضوع في إطار التحدي لأي طرف»، وذلك في ظل رفض «التيار الوطني الحر»، وقوى سياسية سنية بأن يشمل التمديد ولاية مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومطالبة «الحزب التقدمي الاشتراكي» بتعيين رئيس للأركان، وذلك ضمن سلة واحدة.
وباتت مهمة منع الشغور في قيادة الجيش من أبرز الأولويات في لبنان، بالنظر إلى أن ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون تنتهي في 10 يناير المقبل، في ظل شغور في أعضاء المجلس العسكري. وتدرس القوى السياسية الحل الأمثل لتجنب الشغور، ورست أخيراً على حل من قبل الحكومة وليس عبر البرلمان، يقضي بالتمديد لقائد الجيش، وهو ما بات متوقعاً، كما تقول مصادر نيابية، لافتة إلى أن خيار التمديد بات متقدماً على خيار التعيينات الذي يلاقي رفضاً سياسياً واسعاً.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحل سيكون عبر التمديد لقائد الجيش، لكنها لفتت إلى أن النقاشات تشمل مدير عام قوى الأمن الداخلي أيضاً (يشغله ضابط سني) الذي تنتهي ولايته في عام 2024، مشيرة إلى أن هذا المطلب «هو مطلب القوى السياسية السنية، وسيكون جزءاً من الحل أيضاً».
وقالت المصادر إن هناك دفعاً من قبل «الحزب التقدمي الاشتراكي» أيضاً لتعيين رئيس للأركان (يشغل الموقع ضابط من الطائفة الدرزية)، وإنجاز تعيين المجلس العسكري في الوقت نفسه، مشيرة إلى أن النقاشات تأخذ في الحسبان إنضاج حل يرضي الجميع بسلة واحدة. وقالت المصادر إن النقاش يطال أيضاً مدة تأخير التسريح، هل ستكون 6 أشهر أو سنة كاملة».
وتؤيد معظم القوى السياسية أي إجراء يمنع الشغور في قيادة الجيش، بينما يعارض «التيار الوطني الحر» التمديد للعماد جوزيف عون الذي لا تربطه علاقة ودّ بالتيار، ويدفع في المقابل إلى تعيين قائد جديد، وهو ما تعارضه القوى السياسية التي تعد أن ما سرى على المواقع الأخرى، مثل تكليف مدير عام للأمن العام بالإنابة قبل أشهر (يشغله عرفاً ضابط من المذهب الشيعي) أو تكليف حاكم لمصرف لبنان بالإنابة، يجب أن يسري على المواقع كافة.
وتطرق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء، الخميس، إلى التباينات السياسية، وقال: «يحاول البعض إدخال الحكومة مجدداً في نقاشات ظاهرها دستوري وسياسي، وباطنها تعطيلي استئثاري، لكننا عازمون على المضي في عملنا»، وأضاف: «إن أي قرار سنتخذه بالنسبة لأي استحقاق داهم سيكون منطلقه بالدرجة الأولى مصلحة الوطن وأولوية تحصين المؤسسات في هذه المرحلة الدقيقة، وحتماً لن تكون الحكومة ساحة يستخدمها من يؤيد تصفية حسابات شخصية ومنازعات فردية على حساب المصلحة العامة».