تريُّث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعدم التقدم، من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، باقتراح يقضي بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون من الخدمة العسكرية لمدة 6 أشهر، لا يعني أنه صرف النظر عنه، بمقدار ما أنه لرغبة «حزب الله» بعدم حرق المراحل إفساحاً في المجال أمامه للتحرك نحو رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يقود الحملة المناوئة للتمديد له لمصلحة تعيين قائد جديد للجيش، ورئيس للأركان، ومديرين للإدارة العامة والمفتشية العامة، وهذا ما أبلغه إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يعارض بشدة إقحام المؤسسة العسكرية بالشغور في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر فيها لبنان.
ويأتي تريُّث ميقاتي بطلب من «حزب الله» بالنيابة عن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي تواصل معه وأبلغه إصراره على رفض التمديد للعماد عون، وهذا ما عكسه وزير التربية القاضي عباس الحلبي بقوله في نهاية الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إن التمديد للقيادات العسكرية بحاجة إلى مزيد من النقاش، كي لا يكون الموضوع في إطار التحدي لأي طرف، والقيادة العسكرية يجب ألا تكون شاغرة ويجب أن تستمر مهمة قائد الجيش.
فـ«حزب الله» يسعى للتواصل مع باسيل لعله يقنعه بتنعيم موقفه بالتوازي مع اتصالات مماثلة يتولاها أكثر من صديق مشترك لدى وزير الدفاع الوطني العميد المتقاعد موريس سليم كي يعيد النظر في موقفه بما يسمح بتأجيل تسريح العماد عون بتوقيعه مرسوماً في هذا الخصوص، رغم أن الحزب وبطلب من الرئيس عون، كان التزم بلسان أمينه العام حسن نصر الله بعدم موافقته على إدراج التعيينات على جدول أعمال مجلس الوزراء بغياب رئيس الجمهورية، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتعيين قائد للجيش الذي يعدّ من المواقع المارونية الرئيسية في الدولة، ويعود للرئيس الرأي الراجح في اختياره؟
لذلك، لم يعد من وقت أمام ميقاتي للمضي على طريق تأجيل تسريح العماد عون سوى أسبوعين، وأَنّ تعذُّر إقرار التأجيل في مجلس الوزراء سيفتح الباب أمام مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للتحرك بدعوة النواب إلى جلسة تشريعية للنظر في جدول أعمالها، ومن ضمنه التمديد لقائد الجيش، برغم أنه لا يزال يراهن على دور مجلس الوزراء لإنجاز هذه المهمة.
ويتحدث الوزراء عن دراسة قانونية لم توزّع عليهم حتى الساعة، كان أعدها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة تأخذ بعين الاعتبار الإنابة عن توقيع وزير الدفاع على طلب تأجيل تسريح العماد عون، بذريعة أنه لم يتجاوب مع الرسالة التي كان أرسلها إليه ميقاتي والمتعلقة بالتعيينات في المؤسسة العسكرية لملء الشغور، وبالتالي يعود لمجلس الوزراء أن يقترح تأجيل التسريح، لأنه من غير الجائز اللعب باستقرار المؤسسة العسكرية لأسباب كيدية مردها إلى أن باسيل يريد تصفية حساباته مع العماد عون، ليس على خلفية التمديد له، وإنما لتقديره بأنه لا يزال الأوفر حظاً بين مرشحي رئاسة الجمهورية في ظل التأييد الدولي والمحلي له.