أيها اللبنانيون … إنتبهوا !!

في الشوف، رهن بيته وسيارته. وفي المتن، باعت ما تملك من مجوهرات. أما في البقاع، فاشتعل الصراع داخل العائلة الواحدة بعد أن ورّطها أحد أفرادها بأكملها. وثمة من رمى يمين الطلاق على زوجته في إحدى القرى بعدما استدانت بدون علمه فأغرقته بالديون. كما أن الفوضى وصلت إلى رجال دين وأفراد قوى أمنية (سابقين وحاليّين) بعد أن وقع بعضهم في الفخّ. فما قصة شركة «كيو نت» التي تتستّر بالنشاط التسويقي لترويج أعمالٍ باطنها احتيالي؟

هذه شهادة بدون «رَوْتَشَة» لإحدى الضحايا: «شباب بْيِلزقوا عليك ليل نهار حتى تجيب 3 آلاف دولار وشوف كيف بتتغيّر حياتك. وإذا ما معك إياهن، بسيطة تْديّنن. بْيِقنعوك بطريقة محترفة إنو بتستردّن خلال شهر، وبْيِستغلّوا وضعك المادي. قبل ما تْبلّش، إنت مجبور تِحضَر مؤتمرات هدفها غسْل دماغك بشعائر دينية وتحفيز على الطاقة الإيجابية، وبْيِعرضولك شهادات لَناس صاروا فوق الريح بعد ما كانوا تحت الأرض، وطبعاً بْتِكتشف بَعدَين إنو كلّو وهْم. يعني بدّك تفوّت أكثر من 30 ألف دولار عالشركة تَتِستردّ مصرياتك، عبْر إقناع ناس بِدَورك ينضمّوا للشبكة، شرط يكونوا من أقرب المقرّبين حتى ما تفكّر بيوم من الأيام تنسحب. ولمّا توعا إنك أكلت الضرب بِتْصير قدّام خيارَين: يا بْتِبقى كرمال يلي بَلَيتن معك يا بتطلع بسْواد الوجه. أنا أكلت الضرب ورهنت كل مجوهراتي ومَني عارفة شو أعمل… انتبهوا ما يصير فيكن متلي».

هكذا يُنصَب الفخّ

زاهي (اسم مستعار) يخبرنا أيضاً عمّا حصل معه: «كنت مارق بظروف صعبة وابني بدّو يفوت عالجامعة. وكان زميلي بالشغل يضلّ يسألني إذا قْدِرت دَبّر منحة. فجأة شِفتو قَدّم إستقالتو وصار يسافر ويلبس ماركات وجاب سيارة جديدة. سألتو مرّة عن شغلو»، قال لي: «بيزنيس عائلي… شو رأيك تفوت معي حاجي ناطر منحة من هون وهونيك. يلّا جيب 3 آلاف دولار وخود مقابيلن 20 ليلة بفندق». بآذار الماضي، بعد ما عجزت عن تأمين المنحة، وافقت شرط أعرف شو طبيعة الشغل وإذا فيه محرّمات»، جاوبني: «وَلَو، ما بْتوثق فيّي؟… بِعت سيارتي ورهنت أغراض من بيتي، وأخدت قرض. منتلاقى تاني يوم بأحد فنادق العاصمة حتى سلموا المصاري، ولمّا شرحلي عن الشغل، حسّيت إنو عمل حرام وقلتلّو ما رح فوت… بس بْيوصلوا لمرحلة من الخبرة بْيِبلفوك إنت ومبسوط. بعدها بيفوّتني على مؤتمر كان في أكثر من 350 شخص معظمهم سوريّين وبعضهم عراقيين. عرضوا شهادات لأشخاص واستشهدوا بآيات قرآنية لإقناعنا بإنو العمل حلال، وحِكيونا عن السيارة الحِلم وسَفرات العُمر. ومَنَعونا نقرا عن الشركة، ونكتفي بالمعلومات منّن مباشرة… أنا ما كمّلت رغم إنو أصرّوا فوّت خيّي وأصحابي كرمال إستردّ مصرياتي. وخسرت المبلغ مع إنو كان فيي إستردّو قانوناً ضمن مهلة 7 أيام، بس هنّي بيخبّوا هالشي. وقصة الفندق طِلْعت نصبة من نصباتن».

سارا (اسم مستعار) لم تتردّد هي الأخرى في أن تروي لنا ما اختبرته. «أخدوا منّي الموبايل، وفتحوه وصاروا يسألوني عن كل اسم بإسمو. مين هوّي وشو بيعمل وشو وضعو. وهالشي تَيْخطّطوا كيف بدّن يسيطروا عليه. بياخدوك على الـ»Circle of Influence»، يعني إنك تتصيّد شخص من المقرّبين. طلبوا منّي إتّصل ببعض الأشخاص ومِنّن كان إلي زمان ما حكيتن. ومعي 48 ساعة حتى جِيب شخصين، واحد عن يميني وواحد عن يساري، وهيّي الطريقة الوحيدة حتى بلّش ردّ مصرياتي… بتّصل بالأشخاص ومنحكي عادي وبسألن عن أحوالن، وبقلّن إنو بلّشت شغل جديد، وبسمّعن إنو الشغل غيّرلي حياتي، بس شرط عدم إعطاء تفاصيل عن طبيعة العمل. وبِرجع بتّصل عدّة مرّات وبِقنعن يجيبوا المصاري وينضمّوا للشبكة. ولما نلتقي لازم تكون المظاهر طاغية، من طريقة اللبس والناس المحيطين، وبيصيروا يعيطولي «أستاذة». كل هيدا جزء من الفخّ يلي بينصبوه ومجبورة وقّع غيري فيه، وإلّا طاروا المصريات».

عن «كيو نت»

هي شركة أجنبية وواحدة من شركات التسويق الهرمي (Pyramid Scheme)، المحظور في كثير من الدول، التي تتلطى خلف ستار التسويق الشبكي المشرَّع قانوناً، من باب التحايل على القانون. الشركة تمارِس ظاهرياً نوعاً من عمليات التسويق، غير أنها تقوم في الواقع باستخدام بعض المنتجات والعروض (ساعات، أحجار لإبعاد الطاقة السلبية، إقامة في فندق)، لتغطية العمليات الاحتيالية اللاحقة. وخطورتها تكمن باستهداف أشخاص قليلي الخبرة والحنكة، أو من يعانون من صعوبات مادية، فتغريهم بالربح السريع. أما المستفيدون، فيتربّعون على رأس «الهرم» ويحقّقون أرباحاً طائلة. وكون عمل الشركة يرتكز أساساً على السرية والتسويق الشفهي، فهي لا تسدّد أي ضرائب للدولة. وفي حين تنشط في أماكن مثل في دبي وتركيا وماليزيا كما في دول تنشط فيها عمليات تبييض الأموال، حظرت دول أخرى عملها، كالسعودية والهند وتوغو ونيجيريا.

توريط الضحايا وتحويلهم إلى مرتكِبين هو من أبرز الأهداف. ففي أول جلسة، يتقصّد المسوّق تذكير «الضحية» بأنها معدومة الحال وبأن عالَماً من الأحلام بانتظارها لينتشلها من واقعها المرير. وفجأة يقترح عليها دخول الشبكة. أما الشروط، فبسيطة: تأمين مبلغ لا يقلّ عن 3 آلاف دولار نقداً مقابل الحصول على أحد المنتجات المذكورة، والتي لا تتخطى بالحقيقة قيمتها مئات الدولارات؛ هذا إضافة إلى تجنيد شخصين، أحدهما عن يمينها والآخر عن يسارها، تقوم بإقناعهما بدخول الشبكة، وهكذا دواليك. أما الربح فيأتي بلا تعب من خلال حصول «الضحية» على مبلغ 300 دولار أميركي مقابل كل إضافة إلى الشبكة. أرباح طائلة لرأس «الهرم»، إذاً، وفتات للضحايا.

اترك تعليق