احتلت محادثات الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان المشهد الداخلي، لأنها حرّكت ملفي الرئاسة الأولى والقرار 1701 في آن معاً. ففي الملف الأول، حاول لودريان الامساك بالعصا من وسطها، فأعطى فريق الممانعة فكرة الحوار ولو تحت مسمى جديد، هو «التشاور»، مقابل اعطاء المعارضة «الخيار الرئاسي». لكن سرعان ما تبيّن، من خلال ما كشفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ان الطريق الى هذا الخيار دونه تمسّك «حزب الله» بمرشحه أي رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وهو «ما ترفضه المعارضة، لأننا نريد رئيساً للدولة»، كما قال جعجع.
أما في ملف القرار 1701، فإنّ لودريان نقل تحذيراً من مغبة عدم تنفيذ القرار الذي يتحمل لبنان منه الجزء المتعلق بانتشار الجيش وغياب سلاح «حزب الله».
كيف ستكون خاتمة محادثات موفد الرئيس الفرنسي الذي أعلن انه أتى الى بيروت ممثلاً للجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر، إضافة الى فرنسا؟
المعلومات التي توافرت لـ»نداء الوطن» حول محادثات لودريان امس تفيد بأن ما طرحه رئاسياً وجنوبياً، يحتاج الى ظروف مؤاتية كي يبصر النور، ومثل هذه الظروف ما زالت غير مرئية.
أما المعلومات المستقاة من اوساط عدد ممن التقاهم لودريان فجاءت على النحو الآتي:
اولا، بالنسبة للقرار 1701، شدد موفد الاليزيه على ضرورة التزام القرار، وهذا ما بحثه مع السلطة السياسية المتمثلة بالرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي اللذين «اكدا الالتزام التام بالقرار مع الطلب بالزام اسرائيل بتنفيذه». أما في الخلوة التي عقدها لودريان مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، فتركّز الحديث على «اهمية استمرار الجيش في الامساك بالوضع الامني وعدم زعزعة الاستقرار»، كما تناول القرار 1701 من زاوية «استعداد المجتمع الدولي لمساعدة الجيش في كل ما يطلبه لتعزيز حضوره في منطقة جنوب الليطاني». ولفت لودريان الى «ضرورة العودة الى الاجتماع العسكري الثلاثي في الناقورة، لان هذه الاجتماعات لها دور ايجابي في تهدئة التوتر على طول الحدود وتسهل عمل «اليونيفيل». وتحدث لودريان عن «حرص المجتمع الدولي على عدم المساس بوضعية الجيش في ظل الشغور الرئاسي».
ثانياً، بعدما حط لودريان في بكركي، كشفت المعلومات ان المسؤول الفرنسي اكد على «الاحترام الذي تكنه بلاده للبطريرك الراعي وللدور التاريخي للصرح البطريركي».
وفي الملف الرئاسي، اكد لودريان «اهمية انتخاب رئيس في أسرع وقت، لكنه لم يطرح اي اسماء مرشحة، كما انه لم يطلب من البطريرك لائحة مرشحين، بل تحدث مجدداً عن ضرورة الذهاب الى الخيار الثالث وعدم ترك البلاد من دون رئيس في وقت قد تشهد المنطقة حرباً شاملة او تسوية كبرى».
ثالثاً، أفادت المعلومات ان لودريان وفي كل لقاءاته التي عقدها تحدث عن امكانية عقد «لقاء تشاوري او حواري للتوصل الى انتخاب رئيس». وهنا سمع الموفد الفرنسي مرات من محاوريه سواء في بكركي او المعارضة «ان مسألة الانتخاب تتطلب أمراً واحداً، الا وهو وقف التعطيل وفرط النصاب واحترام المؤسسات ونزول النواب الى المجلس وعقد جلسات متتالية، وعدم تضييع الوقت وانتظار كلمة سر من الخارج».