أفصح اللقاء المتوتر أمس بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، عن جزء من حقيقة المهمة التي أتى من أجلها لودريان الى لبنان، فهو بإعلانه منذ اليوم الأول من الزيارة أنّه أتى ممثلاً اللجنة الخماسية الدولية والعربية، طرح بلا مواربة عنوانين رئيسيّين لمهمته: تطبيق القرار 1701، وتمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون.
شملت محادثات لودريان في اليوم الثاني «حزب الله» ممثلاً برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد. واكتفى «الحزب» ببيان مقتضب عن اللقاء. أما باسيل، فبدا كمن فوجئ بطرح لودريان موضوع التمديد للعماد عون، لذلك حرّك على الفور موقفه الرافض لقائد الجيش، ما أدى الى تقصير مدة اللقاء.
ما هي الخلاصة الشاملة لزيارة موفد الرئيس إيمانويل ماكرون؟
بحسب معطيات «نداء الوطن»، صار جلياً أنّ القرار 1701 وضع على المشرحة الدولية، بدليل ما يصل الى المسؤولين اللبنانيين من رسائل مباشرة أو مداورة تقضي جميعها بالدفع إلى تطبيق القرار من باب سحب كل المظاهر المسلّحة في منطقة عازلة بعمق 30 كلم.
إلّا أنّ هذا الدفع، الذي يتحوّل مع الوقت إلى حملة ضغط دولية، يترافق مع طروحات سبق للموفد الأميركي آموس هوكشتاين أن حملها إلى اللبنانيين وتتصل بتثبيت الحدود البرية وانسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة جنوب لبنان.
فإلى جانب دعوته الصريحة، للتمديد لقائد الجيش، كان لافتاً كلام لودريان عن القرار 1701، بقوله أمام بعض من التقاهم إنّ واجب السلطات اللبنانية تطبيق القرار الدولي، بمبادرة ذاتية منها، وإلا سيتمّ تطبيقه بالقوة.
بالتفصيل، يتبيّن أنّ كلام لودريان دلّ الى أنّه يتمحور على ثلاثة طروحات: أن يعمد لبنان إلى تطبيق القرار الدولي بإنهاء الوجود المسلح ضمن منطقة عمقها 30 كلم لتكون منطقة عازلة، وإمّا سيتمّ تعديل القرار الدولي لتكون القوات الدولية أكثر فعالية في صلاحياتها العسكرية، أو اللجوء إلى الفصل السابع لفرض تنفيذه بالقوة.
وقالت مصادر ديبلوماسية إنّ الضغط الدولي من أجل تطبيق القرار، وصل الى المسؤولين اللبنانيين من أكثر من جهة دولية، وليس من لودريان وحده، وهو أمر يتوقع حصوله، خصوصاً أنّ مستوطني الشمال الإسرائيلي يرفضون العودة إلى منازلهم من دون ضمانات أمنية تبدأ بانسحاب المظاهر المسلحة جنوب الليطاني.
وأفادت المصادر أنّ الضغط الدولي على لبنان، سيتعاظم مع الوقت من باب إعادة ترتيب وضع المنطقة الحدودية التي يصعب أن تعود إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول الماضي، أي تاريخ هجوم «حركة حماس» على غلاف غزة. لذلك يُجسّ نبض القوى اللبنانية في مسألة تثبيت الحدود البرية بعد انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة، والنقاط الـ13 المتنازع عليها، ووقف الخروق مقابل سحب المظاهر العسكرية جنوب منطقة الليطاني.
وأشارت المصادر الديبلوماسية إلى أنّ باريس تتولى النقاش الرسمي في ما خصّ القرار الدولي كونها ناظرة القرار في الأمم المتحدة، أي «حاملة القلم» كما توصف في المفردات الديبلوماسية.
وفي سياق متصل، قالت أوساط بارزة في المعارضة لـ»نداء الوطن» إنّ ما طرحه لودريان في شأن الرئاسة «كان عرضياً، بل كان التركيز على القرار1701، وهو الأولوية وعليه يدور الصراع». ولفتت الى أنّ «حزب الله» يريد في هذه المرحلة «أن يتمكّن من تجاوز 7 تشرين الأول ليبقى الوضع في لبنان على ما هو عليه». وأضافت: «ما يقوم به «الحزب» هو تضليل متعمد بالادعاء أنّ أحد شروط القرار 1701 هو إفراغ بلدات الجنوب من سكانها، وهذا غير صحيح، بل المطلوب، هو تنفيذ القرار الذي سبق لـ»الحزب» أنّ وقّعه عام 2006، ووافق عليه الأمين العام حسن نصرالله. وبمقتضى القرار، لا يكون هناك أي وجود مسلح غير الجيش و»اليونيفيل» في جنوب الليطاني».
وخلصت الأوساط نفسها الى القول «إنّ «حزب الله» يريد الحصول على رئيس للجمهورية بإيصال مرشحه سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، كي يعطي وعداً بتنفيذ القرار1701، أي أنه سيعطي شيكاً بلا رصيد، والعودة الى ما كان عليه الوضع في 6 تشرين الاول الماضي، بينما يذهب الواقع الدولي اليوم الى 1701 فعلي وليس شكلياً كي تعود الحدود الجنوبية لبنانية شرعية».
ومن المشهد السياسي الى المشهد الميداني، حيث اهتز أمس الهدوء الذي يسود الجنوب منذ سريان الهدنة في غزة الجمعة الماضي. ونقلت وكالة «رويترز» عن «اليونيفيل»، أنّ إسرائيل «ردّت على إطلاق نار من لبنان عبر الحدود». وهذه المرة الأولى التي تصدر القوات الدولية مثل هذا البيان منذ اندلاع المواجهات في 8 تشرين الأول الماضي. وكانت سابقاً تتحاشى إيراد التفاصيل في بياناتها.
ومن جهة أخرى، كتبت السفارة الأميركية في بيروت على حسابها عبر منصة «إكس»: «لا نزال نشعر بالقلق إزاء احتمال امتداد هذا الصراع إلى ما هو أبعد». وقالت: «يشكل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 عنصراً رئيسياً في هذا الجهد».