التصعيد الميداني الذي لفّ الحدود الجنوبية أمس، امتداداً للتدهور الذي بدأ يوم الجمعة الماضي، لم يحجب استمرار زخم الاتصالات التي أجراها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان قبل أيام. ووسط توقعات بوصول الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني (أبو فهد) هذا الأسبوع الى بيروت، كانت لافتة حركة الاتصالات المتعلقة بالملف اللبناني على هامش قمة المناخ العالمية في دبي، فرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي اجتمع أمس بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التقى في اليوم السابق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. ومن دبي الى الدوحة كانت للرئيس ماكرون محطة محادثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وكان القاسم المشترك لهذه الاتصالات في لبنان وخارجه، تحرك اللجنة الخماسية من أجل لبنان التي تضمّ في عضويتها، إضافة الى فرنسا ومصر وقطر، كلاً من الولايات المتحدة والسعودية. وكشفت أمس مصادر واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» أنّ دول الخماسية كثّفت حراكها في الأيام الأخيرة في اتجاه الأزمة اللبنانية بكل أبعادها، فإضافة الى «الهمّ الرئيسي» للجنة بإبقاء لبنان في منأى عن حرب غزة، يتركز الحراك على ملفّات تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون، والانتخابات الرئاسية، وتنفيذ القرار 1701.
ما هي معطيات هذه المصادر في شأن هذه الملفات؟ أجابت المصادر إنّ القرار 1701 «يحتاج الى مفاوضات منفصلة لم تنضج تفاصيلها بعد. أما في شأن التمديد للعماد عون وإجراء الانتخابات الرئاسية، فإنّ الموفد القطري الذي سيصل بعد الفرنسي، سيوضح أنّ أمام لبنان خياراً من اثنين: إما الذهاب الآن للتمديد لقائد الجيش، وإما انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وقالت: «من لا يريد التمديد لقائد الجيش، يضع نفسه في مواجهة اللجنة الخماسية، لأنه يشرّع البلد على الفوضى ويضعه خارج الشرعية الدولية ما يعرّض لبنان لاحتمالات خطرة».
وأضافت: «إنّ حتمية الخيار الثالث في الانتخابات، مردّها الى غياب حظوظ خياري المرشحين المطروحين حالياً، ما يستدعي الذهاب الى التقاطع والتوافق لاستيفاء شروط المصلحة اللبنانية واللحظة السياسية. كما أنّ إجراء انتخابات رئاسية الآن، من شأنه استكمال بنية الدولة المؤسساتية، ما يغني عن تمديد ولاية قائد الجيش».
وخلصت المصادر الى القول: «في حال تعذّر إجراء الانتخابات الرئاسية، فإن المجتمع الدولي لا يمكن أن يقبل بتفريغ مؤسسة الجيش في مرحلة دقيقة وحرجة. لذلك كانت رسائل الخماسية الأخيرة شديدة اللهجة ولو أتت في نطاق التفاوض، وكان النموذج تعامل لودريان مع النائب جبران باسيل».