صفقة الفيول الأخيرة تفتح “الدفاتر العتيقة”

تنصّل وزير الطاقة والمياه وليد فياض من توصيات هيئة الشراء العام حول المناقصة العمومية التي أجرتها وزارة الطاقة والمياه بتاريخ 8 تشرين الثاني لشراء كمية من مادتي الفيول والغاز أويل لشهر كانون الأول الجاري. فمضى بإتمام الصفقة، بعد أن تحصّن بمبرّرات أعطاها لما رصدته الهيئة من تجاوزات فيها، حيث أورد هذه المبرّرات بتقرير رفعه إلى اللجنة الوزارية لتقييم الخطة الوطنية للكهرباء. وبعد اطّلاع اللجنة على تقرير فياض، أصدرت قراراً بتاريخ 20 تشرين الثاني، سمح للوزير بـ»السير بالمناقصة وفقاً للأصول، بعد استدراك النواقص التي أشارت إليها الهيئة».

وفق قانون الشراء العام، كما تقول مصادر مطّلعة، لا صفة للجنة الوزارية بالبتّ بموضوع المناقصات، وإنّما هناك جهتان مسؤولتان هما الجهة الشارية وهيئة الشراء العام. والأخيرة أوصت بإعادة المناقصة، مع إعطاء المهلة الكافية للعارضين بتقديم عروضهم، وذلك بعدما لفتت نظر وزير الطاقة إلى وجوب التقيّد بأحكام قانون الشراء العام، ولا سيّما لناحية أن يكون تصرّف لجنة التلزيم مستقلاً عن الجهة الشارية في كل أعمالها وقراراتها.

إلا أنّ الوزير حتى بعد التجائه لهذه اللجنة «خلافاً للأصول»، أخذ بالشق الأوّل من طلب اللجنة، أي السير بالمناقصة، وأهمل الشقّ الثاني المتعلّق باستدراك النواقص. وهذا ما جعل هيئة الشراء العام التي تتابع دراستها هذا الملف، تتمسّك بما جاء في تقريرها رقم 6 الصادر بتاريخ 15 تشرين الثاني، وتؤكد عليه في كتاب وجّهته بتاريخ 18 كانون الأول الجاري إلى وزارة الطاقة والمياه.

في الكتاب، ردّت الهيئة على كل مبرّر ورد في التقرير الذي رفعه الوزير إلى اللجنة، والذي عاد وأرسل نسخة عنه إلى هيئة الشراء العام بتاريخ 21 تشرين الثاني. فاعتبرت الهيئة «أن تأكيد الوزير على أن «لا شوائب في المناقصة، ولا مخالفة لقانون الشراء العام» يطرح علامات استفهام حول الدافع الحقيقي لتمرير المناقصة مرّة عبر التدخّل غير المشروع بمسارها، ومرّة عبر التمرّد على توصية هيئة الشراء العام».

وعليه، طلبت الهيئة إيداعها بأقرب وقت ممكن لائحة بأسماء الشركات التي تشارك في الصفقات التي تجريها الوزارة لتأمين مادتي الفويل والغاز أويل، بدءاً بتاريخ نفاذ قانون الشراء العام، على أن تتضمّن المعلومات موضوع المناقصة، تاريخ الإعلان عنها، تاريخ التلزيم، التأمين المؤقت، أسماء المشاركين فيها، أسماء الشركات الرابحة، قيمة العقد، وذلك ليتسنى لها أن تبني على الشيء مقتضاه.

وفي الأثناء، أكدت الهيئة أنّ الملف المتعلّق بالتلزيم الأخير هو قيد التدقيق والمتابعة من قبلها، وهي تحتفظ لنفسها بحقّ القيام بالخطوات القانونية اللازمة، وفقاً لنتائج التدقيق، مشدّدة على ضرورة أن تتقيّد الوزارة بأحكام قانون الشراء العام والقرارات والمذكّرات ذات الصلة الصادرة عن رئيس الهيئة، ولا سيّما لناحية كفاءة واختصاص أعضاء لجان التلزيم، واستقلالية هذه اللجان عن الوزارة.

في المقابل وفيما تحدّث تقرير وزارة الطاقة «عن مغالطات وافتراءات تضمّنها القرار رقم 6 الصادر عن الهيئة، تؤدي إلى نسف عملية تأمين المحروقات، وتعطيل عمل معامل إنتاج الطاقة لدى مؤسسة كهرباء لبنان»، ردّت الهيئة «بأن ما عرض في تقرير الوزارة مغاير للواقع والقانون».

فأشارت الهيئة في ما يتعلّق بتخفيض مدّة الإعلان عن المناقصة الذي اعتبرت الوزارة أنه لا يخالف قانون الشراء العام إلى أن «السرعة القصوى أتت على حساب المنافسة وعدم إتاحة الفرصة أمام عارضين آخرين لتقديم عروضهم بالشكل المناسب والوقت المناسب».

اترك تعليق