في المواقف، يبدو ان القوى السياسية كلها باتت مقتنعة بأن لا انجاز للانتخابات الرئاسية، إلا بالتوافق. وذلك يعني، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، ان المرشحين المحسوبين على فريق سياسي معيّن، باتت حظوظهم صفرا، او اقلّه هذا ما يُفترض ان يكون المقصود بـ”التوافق”.
رئيس مجلس النواب نبيه بري قال منذ ايام قليلة امام زواره “ان من خلاصة جلسة التشريع والتمديد لقائد الجيش، ثبت ان من دون سلوك قطار التوافق لا يتم التوصل الى شيء وانه في الامكان نقل المشهد النيابي الاخير واسقاطه على انتخابات رئاسة الجمهورية شرط توافر ارادة توافق حقيقية بين الكتل النيابية. واستذكر “كيف ان كتلا نيابية رفضت الالتئام والجلوس الى طاولة الحوار، فبذلك كنا وفرنا علينا الكثير، بدل تضييع كل هذا الوقت. وان الامور لا تستقيم في نهاية المطاف الا بانتهاج خيار التوافق الذي يؤدي الى انتاج انتخاب رئيس للبلاد وتقوية عضد البلد ومؤسساته”.
وفي وقت اعلن رئيس الكتائب النائب سامي الجميل اثر الجلسة التشريعية انه مع التوافق على رئيس مع الفريق الآخر، وهو موقفُ القوى المُعارِضة كلّها، رد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الخميس، على كلام بري الاخير قائلا: إذا كان الرئيس نبيه بري يريد الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية عن طريق التوافق فنحن على أتمّ الاستعداد لذلك ، ولكنّ التوافق يكون على غرار ما حصل في موضوع تمديد سن التقاعد لقائد الجيش، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، ولا يكون إلّا من خلال الاتّصالات الجانبيّة الهادئة، وليس عبر طاولة حوار إستعراضيّة شهدنا الكثير منها في السنوات الـ15 الأخيرة والتي لم تؤتِ يومًا بثمرة واحدة. إذا كان الرئيس بري يريد التوافق على رئيس جمهورية، رئيس جمهورية فعلي، فالطريقة الوحيدة للوصول إلى هذا التوافق تكون ، إذًا بالمشاورات الجانبيّة.
يبدو اذا، وفق المصادر، ان ثمة اتفاقا حول “التوافق” واختلافا حول طريقة الوصول الى هذا التوافق. لكن هنا تحديدا، بيتُ القصيد وامتحانٌ لنوايا بري وفريق 8 آذار. لماذا؟ لانه اذا كانوا فعلا جديين في “التوافق”، فيمكنهم غض النظر عن “الوسيلة”، من اجل “الهدف” السامي الذي يتمثل في الانتخاب. وللامانة، تجربة التمديد لقائد الجيش لم تلحظ “طاولة حوار”، بل محادثات واتصالات مكوكية بين الاطراف النيابية.. عليه، يمكن استنساخها كما هي، لانجاز الاستحقاق الرئاسي، وتجاوُز مطلب “الطاولة”. فهل يفعلها بري؟
من ناحية ثانية، التوافق يكون بأن يعلن الثنائي الشيعي بأنه بات مستعدا للتخلي عن ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والبحث عن مرشح جديد.. فهل يفعلها ايضا؟
الكلام عن “التوافق” جميل، لكنه يحتاج الى ترك الشعارات ومنها “الحوار” جانبا، والى خطوات عمليّة أبرزها الخروج من مربع دعم فرنجية.. ماذا والا بقي الشغور واستمر الدوران في الحلقة المفرغة ذاتها، تختم المصادر.