غابت الاحتفالات بعيد الميلاد هذه السنة عن كنيسة المهد في بيت لحم وسائر المدن الفلسطينية، وسط الحرب المدمّرة التي تشنها إسرائيل على غزة، والتي أودت بحياة الآلاف.
أمّا في لبنان فقد كان عيد الميلاد حاضراً ولكن بغصّة، لا سيما في القرى والبلدات الحدودية التي تتعرّض للاعتداءات الاسرائيلية منذ أكثر من 78 يوماً، فجاءت احتفالات القرى الحدودية كفعل صمود على وقع القصف الاسرائيلي المتواصل على الجنوب.
وفي المناسبة، هنأ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط بعيد الميلاد، قائلاً: “في زمن الأعياد، تبقى العين على مأساة شعب فلسطين وأهل الجنوب، وعلى معاناة المظلومين في الأرض، هؤلاء الذين ليس على صدورِهم قميص”، متمنياً خلاصاً حقيقياً للبنان ولقضايا الحق في كل مكان.
إلى ذلك، حضرَ عيد الميلاد كما الحرب على غزة في خطبة البابا فرنسيس، الذي دعا بدوره، في هذه المناسبة، المجتمع الدولي للضغط من أجل وقف الحرب في غزة والإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين، ووضع حد لهذه الحرب، بالإضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية للسكان المحاصرين، معرباً عن حزنه العميق على ضحايا الهجوم البغيض، في حين عبّر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن خيبة أمله، إذ إنه لم يجد تحولاً في نفوس النواب يجعلهم يصرّون على انتخاب رئيس للجمهورية ليكون عيدية الميلاد التي ينتظرها اللبنانيون، ما يعني أنَّ ملف الرئاسة واستكمال التعيينات جرى ترحيلهما إلى السنة الجديدة.
وفي السياق، أعربت مصادر سياسية مراقبة عن خشيتها من أن تكون سنة 2024 كسابقاتها من السنين الماضية، التي شهدت تراكماً للملفات وبقيت دون حلّ، وذكرت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية بالعديد من الملفات التي كان يؤمل بحلّها في مثل هذه المناسبات، إنما جرى ترحيلها إلى السنوات التي تلتها، وأصبح حلّها يتطلب معجزة إلهية.
وأشارت المصادر إلى أنَّ المجلس النيابي بتركيبته الحالية وانقسامه العمودي عاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية بتوافق محلي، لافتةً إلى أنه من سابع المستحيلات أن تتوافق الكتل النيابية على قواسم مشتركة قد تساعد على انتخاب الرئيس دون ضغط خارجي يوازي على الأقلّ الضغوط التي مورست للتمديد لقائد الجيش.
وإذ توقعت المصادر أن يمرّ تعيين رئيس الأركان والمجلس العسكري لقيادة الجيش، ربطت انتخاب الرئيس بوقف الحرب على غزة، إذ إنه لن يكون هناك أيّ مبادرة باتجاه الداخل اللبناني ما لم تضع القوى الدولية حداً لتحركات الحوثيين في مضيق باب المندب والبحر الاحمر وهذا الأمر سوف يستغرق وقتاً لحلّه، ما يؤشر الى أن لا خرق رئاسي قد يحدث قبل الربيع المقبل.
إلا ان مصادر نيابية تتحدث لجريدة “الأنباء” عن مبادرات ستكون بمثابة محاولات إنعاش للاستحقاق الرئاسي ستشهدها بداية العام الجديد، وأهمها مبادرة الرئيس نبيه بري الذي يستبشر بإمكانية إيجاد مساحات مشتركة بين مختلف القوى السياسية، مستنداً الى الأجواء التي رافقت التمديد لقائد الجيش والتي يمكن البناء عليها على خط الاستحقاق الرئاسي.
وعليه، ينتظر اللّبنانيون بداية سنةٍ جديدة علّها تحمل السلام لوطنهم، وتكون الخلاص بانتخاب رئيس وإعادة النهوض بمؤسسات الدولة التي لا زالت تشهد انهياراً غير مسبوق الواحدة تلو الأخرى.