لا يُشبه العدُّ العكسي الذي يعيشه لبنان لطيّ آخِر ورقةٍ في روزنامة السنة الاستعدادات التي تسود الغالبية الساحقة من دول العالم لـ«التسليم والتسلّم» منتصف ليل الأحد – الإثنين بين 2023 و 2024.
ورغم أن الصراعاتِ المشتعلةَ في أكثر من بقعةٍ في العالم، من أوكرانيا وصولاً إلى غزة، يصيب وهجُها أوروبا والشرق الأوسط وبلداناً أبعد حضرتْ بـ«مخالبها» البحرية إلى المتوسط مثل الولايات المتحدة أو باتت في مرمى تداعيات «حرب الممرات المائية»، إلا أن ارتداداتِ هذه الصراعات على لبنان، لاسيما تشظيات «طوفان الأقصى»، تختلف في «القياس والمقياس» عنها في أي دولٍ «مكتملة المواصفات» تقيم «عازلاً» بينها وبين نقاط التوتر ارتكازاً على مصالحها القومية وأحادية القرار لها في ما خص قضايا مصيرية مثل الحرب والسلم.
والواقع أن 2024 تحلّ على لبنان محمَّلةً بـ «وديعةِ نارٍ» ورثتْها من 2023 التي بدأتْ على وقع فراغٍ في رئاسة الجمهورية (منذ 1 نوفمبر 2022) عطّل «النظام التشغيلي» للدولة ومؤسساتها، وانطبعت منذ 7 أكتوبر الماضي بحرب غزة التي تُنْذِر بأن تُقتاد البلاد إليها و«تحترق بجمْرها» في ضوء المؤشرات الخطيرة إلى زيادة احتمالاتِ تحويل اسرائيل انخراطَ «حزب الله» في مواجهاتِ مُشاغَلةٍ معها منذ 8 أكتوبر «فرصةً» لاستدراج المجتمع الدولي لاسيما واشنطن إلى أمر واقع تفرضه (تل ابيب) بقوةٍ «حرب محدودة» وفق اعتقادها، على قاعدة جعْل تنفيذ القرار 1701 بحذافيره وإبعاد الحزب الى شمال الليطاني أو مسافة آمنة كافية لمستوطناتها الشمالية هدفاً تمعن في مراكمة حيثياته وأرضيته، ديبلوماسياً وميدانياً، وكأن «معركة جنوب الليطاني» صارتْ على الأبواب.