اعتاد الجنوبيون، مع كل عدوان اسرائيلي، أن يلجأ عناصر قوات اليونيفيل إلى مراكزهم وإقفالها على أنفسهم ريثما ينجلي غبار المعارك. لذلك، كان لافتاً، في الأيام الأخيرة، النشاط المتزايد لقوات اليونيفيل وزيادة عدد دورياتها على الخط الأزرق وفي البلدات الخلفية في منطقة جنوبيّ الليطاني، في ظلّ تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، وبالتزامن مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الحرب على لبنان في حال عدم تطبيق القرار 1701. وقد ربطته مصادر بـ«الضغط الدولي الذي تمارسه بعض الدول، ولا سيما فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لفرض منطقة عازلة في جنوبيّ الليطاني».وكالعادة، أثار الظهور المفاجئ للقوات الدولية وتحرّكها المشبوه حفيظة أهالي تلك القرى، كما حدث في بلدة الطيبة ليل الأربعاء، عندما تعرضت دورية تابعة للقوة الإندونيسية للرشق بالحجارة أثناء مرورها في ساحة البلدة في طريقها إلى مركزها في عدشيت القصير. وأكد شهود أن الجنود كانوا يلتقطون صوراً عندما تعرّض لهم شبان بالرشق بالحجارة، ما أدى إلى تحطم زجاج إحدى الآليات وجرح جندي بقطعة زجاج. وبعد الحادثة، جرت اتصالات بين فعاليات المنطقة وقائد الكتيبة الإندونيسية، الذي زعم أن الدورية تعرضت للرشق بالحجارة من دون أن يشير إلى قيام أفرادها بالتصوير، واعتبر أن «الحادثة انتهت بعد استنكار رئيس بلدية الطيبة عباس دياب التعرض للدورية». غير أن قيادة اليونيفيل في الناقورة كان لها رأي آخر. فقد أصدرت صباح أمس بياناً تصعيدياً، وطالبت السلطات اللبنانية «بالتحقيق في الحادث وتقديم الجناة إلى العدالة».
وقبل أن تنجلي ملابسات حادثة الطيبة، وقع إشكال بين شبان ودورية تابعة للكتيبة الفرنسية حاولت دخول الشوارع الداخلية في بلدة كفركلا المجاورة، قبل أن يسمحوا للجنود الفرنسيين بالمرور «إثر اتصالات من مسؤولين في حزب الله تمنّوا عليهم عدم التعرّض للعناصر الدوليين» وفق مصادر في البلدة استغربت «الظهور المفاجئ للدوريات، فيما تغيب تماماً لدى تعرّض البلدة للقصف يومياً». ولفتت المصادر إلى أن «عناصر من وحدة أوروبية أخرى كانوا قد أجروا دورية في أحياء البلدة قبل أيام وتوقفوا طويلاً عند ثلاثة منازل جرى استهدافها بالقصف لاحقاً». غير أنه لم يتم التأكد من ذلك من مصادر أخرى.
وتعليقاً على الحادثة، اعتمدت نائبة المسؤول الإعلامي في اليونيفيل كانديس آرديل لهجة هادئة، مشيرة إلى «اعتراض طريق جنود حفظ السلام لمدة أربع دقائق تقريباً خلال مرورهم في كفركلا. وبعد مناقشة قصيرة مع سكان المنطقة، واصلوا طريقهم».
مصادر متابعة نبّهت إلى أن القوات الدولية قد تعمد في المرحلة المقبلة إلى «استفزاز الأهالي عمداً لافتعال إشكالات تبرر استيلاد ضغوط لتمرير مخطط إقامة منطقة عازلة جنوبيّ الليطاني لإبعاد حزب الله إلى خارج المنطقة». وأشارت إلى إعداد قيادة اليونيفيل خطة إعادة انتشار تحت مسمّى «إعادة تجميع القوات وتأمين حمايتها»، تقوم على «إعادة نشر جزء من الجنود بعيداً عن الحدود كمراقبين دوليين تحت تصنيف قوات فصل أو عناصر ارتباط لضمان تطبيق القرار 1701 لناحية سحب سلاح الميليشيات ووقف الأعمال العدائية».
أمن و قضاء نشاط «مفاجئ» لعناصر القوات الدولية