ساعات قليلة يودّع فيها العالم واللبنانيون العام ٢٠٢٣، ويستقبلون سنة جديدة بأمل يتجدد مع بداية كل عام بأن يأتي الخلاص وتُحل الأزمات الاقتصادية والمعيشية والسياسية التي أثقلت كاهلهم سنوات طوال، إذ لم يبقَ لهم سوى الأمل والرجاء.
العام ٢٠٢٣ مرّ على لبنان صعبا كما السنوات التي سبقت، وهو يأفل على قلق وخوف في ظل أوضاع دقيقة على كل الصعد، تزيد من خطورتها نذر حرب تلوح جنوباً مع تطور العمليات العسكرية من جهة ومع التهديدات التي يطلقها قادة العدو من جهة ثانية.
أما على صعيد تقييم السنة في ساعاتها الأخيرة، ومراجعة أبرز محطاتها الاقتصادية، فيشير الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “العام ٢٠٢٣ شهد عدة محطات اقتصادية كان الأبرز فيها ثلاث محطات أساسية:
الأولى تتعلق بسعر صرف الدولار عندما بلغ سعر الدولار الواحد ١٤٢ ألف ليرة في آذار الماضي، ومنذ منتصف آذار اتخذت إجراءات وتم خفض سعر الصرف الى أن تم تثبيته، وعاش اللبنانيون فترة من الاستقرار في سعر الصرف لا تزال مستمرة حتى اليوم.
المحطة الثانية والمهمة أيضاً، كانت نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة واستلام الدكتور وسيم منصوري الحاكمية بالإنابة، وانتهاج سياسة جديدة مختلفة الى حد ما عن السياسات القديمة التي كان ينتهجها سلامة. وبالتالي أوقف الإقراض إلى الدولة، وانتهج سياسة عدم الإنفاق بما تبقى من الدولارات، وهو احتياطي يعود الحق فيه الى المودعين. في حين تم في السابق إنفاق حجم كبير من هذه الأموال. المحطة الثالثة، لأول مرة منذ سنوات طويلة يتم تقديم قانون الموازنة العامة بالتوقيت الدستوري السليم. اليوم تناقش وعليها انتقادات كثيرة”، لكن برأي الخبير فرح “سيتم إقرارها مع التعديلات التي أدخلتها اللجان، وسيكون للبنان موازنة بالوقت القانوني والدستوري لأول مرة منذ سنوات طويلة”.
واعتبر فرح أن “المحطات الأخرى السلبية، الأولى تتعلق بخطة التعافي، إذ كان مفترضا أن تقر في سنة ٢٠٢٣، وأن تقر خطة للإنقاذ، ويكون لبنان قد أنهى التفاوض مع صندوق النقد، لكن هذا الأمر لم يتم. حتى أن قانون الكابيتال كونترول تم اعادته الى اللجان لدراسته وبالتالي لم يتم إقرار أي بند اصلاحي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. المحطة السلبية الثانية كانت الحرب على غزة وتداعياتها على لبنان والاقتصاد اللبناني. فقد شهد العام ٢٠٢٣ تطورا إيجابياً من زيادة في إيرادات القطاعات السياحية، لكن الحرب خفضت هذه الايرادات. كما شهدنا بموسم الأعياد مجيء المغتربين اللبنانيين دون سياح أجانب وعرب، وبالتالي تداعيات حرب غزة سيكون لها نتائج سلبية على الاقتصاد اللبناني”.
ورأى فرح أنه “يبقى ما هو مرتقب في العام ٢٠٢٤ أن تقر الدولة خطة للتعافي، حتى لو كان صندوق النقد منشغلاً بسبب حرب غزة أو أنه غير قادر على عقد اتفاق، لكن يجب تحضير الأرضية وتحضير خطة للتعافي تكون جاهزة وكاملة وتشمل كل الأمور من الانتظام المالي وانتظام العمل المصرفي والكابيتول كونترول، وخطة خمسية لتطوير الاقتصاد لحل هذه الأمور”.
وإذ كانت سلبيات العام ٢٠٢٣ أكثر من الإيجابيات على لبنان، فإن الأمل يجب أن يبقى، والرجاء بأن يعي البعض أن انتخاب رئيس جمهورية وانتظام عمل المؤسسات من دون تأخير هو السبيل الوحيد للخلاص.