كان لافتاً أمس ارتفاع حدة العمليات العسكرية المتقابلة بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في مشهد بدا سباقاً بين التصعيد وبين المساعي لتجنيب لبنان توسعة الحرب التي تزداد احتمالاتها مع الوقت. حزب الله ردّ بشكل أولي على عملية إغتيال صالح العاروري بقصف صاروخي مكثف على موقع ميرون للمراقبة الجوية في الجليل، فيما شن طيران العدو غارات طالت عدّة مناطق جنوبية بلغت إحداها بلدة كوثرية السياد بين النبطية وصيدا، الواقعة شمال الليطاني في إشارة متكررة إلى توسع النطاق الجغرافي للإعتداءات الإسرائيلية، وهو ما أثار المخاوف أكثر من تفلت الوضع نحو الأسوأ.
التصعيد في الأعمال العسكرية تزامن مع إعلان وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أنها أبلغت نظيرها الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أنّ خطر تفجر الوضع في الشرق الأوسط أكبر من أي وقت مضى.
وفي سياق الحركة الدبلوماسية الناشطة كان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يحضّ المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم أمس على ضرورة تطبيق القرار 1701 وعدم جرّ لبنان الى حرب موّسعة مع إسرائيل، داعياً إلى تجنب التصعيد في الشرق الأوسط، وتجنب جر لبنان إلى الحرب، مؤكدا أنه بإمكان الدبلوماسية ان تسود من أجل العثور على حل مستدام لهذه المشكلة، على حد تعبيره.
بوريل الذي التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب، رأى أن لبنان أصبح في خط المواجهة في الصراع الحالي، لكنه بالمقابل يتمتع باستقرار يجعله قادرا على الحفاظ على مصالحه واستقلاله والمساهمة بالتالي في الاستقرار الاقليمي.
مصادر مواكبة للقاءات بوريل أشارت، عبر “الأنباء” الإلكترونية، إلى أن المسؤول الأوروبي سمع من المسؤولين اللبنانيين ما يجب سماعه، ونقلت عن الرئيس نبيه بري قوله إن المدخل لتنفيذ القرار 1701 يبدأ بوقف إسرائيل لعدوانها وانسحابها الكامل من التراب اللبناني، وهذا الموقف يتطابق مع موقف رئيس الحكومة ووزير الخارجية، وسألت المصادر: “هل تستطيع الدبلوماسية الغربية إقناع العدو الاسرائيلي بإعادة ترسيم النقاط المختلف عليها مع لبنان والانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إذا كان هذا العدو يسعى فعلاً لعدم فتح جبهة جديدة في الشمال؟ وما هو مبرر استهداف المدنيين والاعلاميين والمستشفيات والطواقم الطبية إذا كان فعلاً لا يريد الحرب؟”.
المصادر أكدت أن “العدو الاسرائيلي، ومنذ طوفان الاقصى يسعى جاهداً لتسجيل نصرٍ ما لرد الاعتبار بعد الصدمة التي تلقاها في السابع من تشرين الأوّل الماضي، والاعتداءات على جنوب لبنان تصب في هذا الإطار”. المصادر نبّهت من “وجود مخطط عدواني قد يلجأ إليه العدو الاسرائيلي من خلال ضرب الحراك الدبلوماسي الداعي لتطبيق القرار 1701، لأن الجميع يعرف من هي الجهة التي تعرقل تطبيقه منذ إقراره حتى اليوم”.