بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية الرامية لوضع حد للحرب على غزة وفي الجنوب اللبناني، بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها بالقضاء على حماس بما يمهد إلى التوصّل لوقف إطلاق النار شامل ونهائي، وعشية اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية الاميركي أنطوني بلينكن ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، كثفت إسرائيل، التي تعيش حالة جنون، من إجرامها ضد القرى الحدودية، ما أدّى إلى استشهاد القيادي في فرقة الرضوان في “حزب الله” وسام الطويل، لكن رد “حزب الله” بالهجوم الصاروخي على مواقع العدو لم يتأخر موقعاً إصابات في صفوف العدو.
مصادر أمنية أبدت خشيتها من “انزلاق الأمور نحو الأسوأ في ظل التطورات الامنية المتصاعدة ومقتل المسؤول في الرضوان”. وحذرت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية من خطر توسيع الجبهة الشمالية، لأن تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير دفاعه لا تبشّر بالخير.
وأشارت المصادر إلى أنه “قد يكون من مصلحة رئيس وزراء العدو الذي سيخضع للمحاكمة في شباط المقبل أن يجر المنطقة إلى حرب شاملة تمنع عنه المحاكمة وتضمن مستقبله السياسي، فهل ينجح نتنياهو بجر المنطقة إلى الحرب وكيف سيكون الموقف الاميركي لردع نتنياهو عن هوسه وإجباره على إسقاط فكرة الحرب بشكل نهائي؟”.
الخبير الاستراتيجي خليل حسين استبعد في حديث إلى جريدة “الأنباء” الالكترونية اندلاع حرب شاملة في المنطقة انطلاقاً من جنوب لبنان، ورأى أن إسرائيل “بدأت تلملم خيباتها، ولو بقبة باط حذرة، لحفظ ماء وجهها لأن التصعيد الذي قام به حزب الله واستهدافه موقع المراقبة الجوية في جبل الجرمق في الجليل وتدميره قاعدة ميرون رداً على اغتيال القيادي في حماس الشيخ صالح العاروري كان بمثابة رسالة واضحة لاسرائيل”.
وتابع حسين: “إن أرادت ان تضرب إسرائيل في العمق اللبناني فان حزب الله قادر على الضرب في العمق الاسرائيلي لأن لدى الحزب القدرة على أن يؤذي اسرائيل بطرق أكثر فعالية وان نتنياهو قرأ الرسالة بشكل جيد، لذلك ستكون ردات فعله منسقة”.
وتوقع حسين ألا يكون الحل “سريعاً لان الحراك خلف الكواليس مختلف كلياً وهو لا يملك تفاصيل حوله لانه يبقى رهن تجاوب الاطراف ومدى القدرة على الاستيعاب”، لافتاً إلى أن “اسرائيل أصبحت بمرحلة خطر وجودي وهي مضطرة لان تقدم تنازلات ولو بالشكل بعد أن وضع حزب الله النقاط على الحروف، ولقد رأينا أن إسرائيل بدأت تتعاطى معه بشكل مختلف حتى ولو كانت تعتبر نفسها أنها ربحت في غزة لكن حماس بالمقابل أعادت احياء القضية الفلسطينية من جديد”، متوقعاً التوصل الى “حل للأزمة في وقت قريب ووضع رؤية جديدة للمنطقة أقلّه لمدة 15 سنة وإعادة تركيب قواعد اللعبة لأن إسرائيل مضطرة للقبول بهذا الحل كما ان حزب الله يجب ان يتعاطى مع المتغيرات بما يتناسب مع المرحلة المستقبلية”.
المخاطر الأمنية على لبنان لم تعد تقتصر على الحرب الميدانية، ليواجه الحرب السيبرانية بعد القرصنة التي تعرّض لها مطار بيروت، والتي تحمل في طيّاتها محاذير كثيرة.
الخبير في الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم أشار الى ان “الإختراق الذي حصل في المطار خطير جداً، البعض حاول التخفيف من حدّة خطورته وتقييمه بأنه اختراق شاشات وحسب، بينما هو فعلياً اختراق عبر الexchange email ، المسؤول عن جميع حسابات البريد الإلكتروني، بحسب وزير الأشغال والنقل علي حميّة”.
وأوضح أبي نجم في حديث إلى جريدة “الأنباء” الالكترونية أنه “من خلال خرق ال exchange email تمكّن المقرصنون من خرق كل الشبكات المحليّة الموجودة في المطار، وهنا تكمن الخطورة خصوصاً أن الشبكات الموصولة على الإنترنت لا يجب أن تكون مرتبطة بالشبكات الداخليّة المسؤولة عن البرامج وأجهزة المطار، خصوصاً أننا شاهدنا توقف الأنظمة المتعلقة بتفتيش الحقائب، فخرجت حقائب ودخلت أخرى دون أن تخضع للتفتيش اللازم، وهو ما زاد من خطورة الوضع بسبب الإعتماد على التفتيش اليدوي”.
وكشف أبي نجم ان “السبب الرئيس للخرق، هو قلّة المسؤوليّة والإستهتار من كل المسؤولين في لبنان، فشبكات الإنترنت لم تخضع للصيانة في لبنان منذ أكثر من خمس سنوات، ما يطرح أسئلة عدّة، فمتى آخر مرّة خضعت الشبكات للصيانة والتحديث؟ متى خضع الموظفون آخر مرّة لدورات تدريبيّة في هذا الشأن؟”.
إذاً، كل المؤشرات تعيد التأكيد مرة جديدة أن لبنان هو في صلب الحرب ولكن بأشكال مختلفة وبمستويات عدة. ولكن الأهم هو كيف سيواكب الداخل هذه المرحلة الدقيقة؟ وهل سيتخطى التفاصيل الضيّقة لحماية البلد من خطر الإنزلاق الى هاوية أكبر؟