يطلّ الاستحقاق الرئاسي برأسه مجدّداً من نافذة العشاء الذي سيجمع مساء اليوم في كليمنصو النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية بحضور النائبين تيمور جنبلاط وطوني فرنجية.
تؤكّد مصادر الحزب الاشتراكي لـ “أساس” أنّ “اللقاء يأتي في سياق انفتاحنا وتواصلنا مع الجميع، خصوصاً بعد الحركة الواسعة التي قام بها رئيس “الاشتراكي” تيمور جنبلاط مع الكتلة وقيادة الحزب، ولا يمكن بالتأكيد حصر اللقاء بالملفّ الرئاسي لأنّه سيتطرّق إلى الكثير من العناوين”.
في الشكل لا يمكن إعطاء “عشاء كليمنصو”، الذي يأتي عقب زيارة تيمور جنبلاط لفرنجية ونجله طوني في بنشعي في 26 كانون الأول الماضي، أبعاداً رئاسية مؤثّرة في ظلّ التصعيد العسكري المستمرّ على الحدود الجنوبية، وعدم تفعيل محرّكات الوساطات الخارجية بعد الزيارة الأخيرة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت، وتقدّم مهمّة المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين بالتسويق للحلّ المؤقّت في منطقة الليطاني المحاذية للحدود الشمالية لإسرائيل على كلّ المهامّ الأخرى للوسطاء الدوليين.
لقاء البَيْكين
لكن وفق مطّلعين يمكن توظيف لقاء “بيك المختارة” و”بيك زغرتا” العائلي-السياسي ضمن سياق حدّين:
– الأوّل ما ينتظره الداخل اللبناني من تفعيل لاجتماعات اللجنة الخماسية في ظلّ معطيات توافرت لـ “أساس” عن زيارة سيقوم بها الموفد الفرنسي لودريان لقطر ولقاءات سيعقدها في السعودية، حيث يوجد حالياً، تسبق وصوله مجدّداً إلى لبنان حاملاً ربّما مقاربة رئاسية أكثر تقدّماً، فيما لم تتبلّغ الدوائر الرسمية موعد وصوله حتى الآن. وأيضاً في ظلّ الزيارة المرتقبة للموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني لبيروت.
العارفون يجزمون أنّ “وليد جنبلاط المستقيل من النيابة ورئاسة الحزب، وليس من السياسة، مستعدّ للعب أدواره السياسية الأخيرة ربّما، بدفع تيمور وكتلته للتصويت لفرنجية رئيساً للجمهورية
في هذا السياق يشير مطّلعون إلى “تباين واضح في وجهات النظر بين أعضاء الخماسية حول مدى إمكانية الفصل أو الترابط (بمعنى التزامن) بين الملفّ الرئاسي وبتّ هويّة الرئيس المقبل وبرنامج الحكومة العتيدة وبين ملفّ الجنوب الساخن ووضع الحزب الميداني في ضوء المرحلة الثالثة لحرب غزة، والمطلوب أميركياً وأوروبياً من لبنان والحزب في ما يتعلّق بتطبيق الـ 1701 وشروط بدء التفاوض حول تثبيت الحدود البريّة وحسم نقاط النزاع حولها”. وهو تباين يستكمل، برأي هؤلاء، التباين الذي واكب دوماً دخول “الخماسية” على خطّ حلحلة الملفّ الرئاسي حول هويّة “الرئيس المفضّل” لكلّ من أعضائها.
– الحدّ الثاني ذو أبعاد داخلية محض مرتبطة بدور وليد جنبلاط نفسه في تحديد مسار الرئاسة وصولاً إلى خطّ النهاية. لبّ الموضوع قناعة جنبلاط الدائمة بأنّ “التسوية وحدها بغضّ النظر عن الاسم، وعبر التقاطع بين الخارج والحوار بين أفرقاء الداخل، تأتي بالرئيس ويجب أن لا تأتي على ركام الفوضى أو الدم”. لذلك قدّم جنبلاط مقاربته السابقة بضرورة “الجلوس مع السيد حسن نصرالله مباشرة لبحث الرئاسة وغيرها من الملفّات”. وقناعته هذه لم تتغيّر بعد حرب غزة واشتعال الجبهة الجنوبية ولا وسط التهديدات الإسرائيلية المستمرّة بجعل حرب غزة نزهة مقارنة بالحرب مع لبنان!
عبر اللقاءات الدورية مع مسؤولي الحزب ومن خلال توسيع بيكار تواصله مع حلفاء نصرالله، وفرنجية على رأسهم، يَقرن جنبلاط قوله بالفعل حتى لو تحت سقف العنوان العريض الذي يريد جنبلاط لنجله تيمور أن يعمل تحته، وهو “الانفتاح على الجميع”.
يشير مطّلعون إلى تباين واضح في وجهات النظر بين أعضاء الخماسية حول مدى إمكانية الفصل أو الترابط (بمعنى التزامن) بين الملفّ الرئاسي وبتّ هويّة الرئيس المقبل
جنبلاط وأدواره الأخيرة
العارفون يجزمون أنّ “وليد جنبلاط المستقيل من النيابة ورئاسة الحزب، وليس من السياسة، مستعدّ للعب أدواره السياسية الأخيرة ربّما، بدفع تيمور وكتلته للتصويت لفرنجية رئيساً للجمهورية إذا قضى “الوحي” الخارجي بذلك. على الرغم من كلّ الأسباب الموجبة التي عرضها جنبلاط سابقاً لرفض انتخاب فرنجية وضمن سياق حلفه الحديدي مع الرئيس نبيه بري، لا يحتاج جنبلاط إلى “منشّطات” لتقبّل خيار رئاسي من وزن فرنجية، خصوصاً أنّ سيره بخيار جهاد أزعور لم يحصل أصلاً إلا ضمن دعوته المفتوحة للتوافق حول اسم الرئيس، ولعلمه المسبق بعدم وصوله، وإرسال رسائل متكرّرة للحزب وبري، قبل جلسة 14 حزيران، بأنّ تبنّي “الاشتراكي” لأزعور ليس فعل مواجهة ضدّ الثنائي، لينتهي الأمر لاحقاً بتأكيد جنبلاط سوء إدارة أزعور لمعركته الرئاسية”.
يعلم جنبلاط أنّ حسابات ما بعد غزة دخلت لاعباً محورياً على خطّ الرئاسة، وكلمة واحدة من باسيل، داخلياً، تغيّر المجرى الرئاسي بالكامل، وتحت مظلّة ثنائي الحزب – بري وثنائي باسيل-فرنجية بقبّة باط خارجية لن يقف جنبلاط، شخصياً، ضدّ الموجة حتى لو أدرج سابقاً فرنجية وميشال معوّض على لائحة “مرشّحي التحدّي”. أكثر من ذلك، إذا قُدّر لجنبلاط أن يخيّر بين فرنجية وقائد الجيش جوزف عون لاختار على العمياني “البيك”.
لكنّ التكويعة الجنبلاطية المحتملة باتّجاه أيّ اسم لم تعد محرّرة من الأثقال كما في كلّ العهود الماضية. يبدو “البيك” مكبّلاً بـ “الحسابات الأنسب لمرحلة “حُكم” تيمور، وتحصينه من أيّ “زوابع” داخل الحزب نفسه، ورَسمِه لشبكة علاقات نجله الخارجية المفترض أن تراعي مصالح دول القرار المتضاربة على أرض لبنان من إيران إلى واشنطن مروراً بالسعوديين والفرنسيين.”