.. لودريان عائد ولا «قطيعة مع التيار»

بعد الإعلان عن الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء الفرنسي غبريال اتال، لفت المراقبين التغيير الرئيسي في الحكومة الجديدة، وهو حقيبة الخارجية التي أُسندت الى ستيفان سيجورني خلفاً للوزيرة السابقة كاترين كولونا. وتساءل هؤلاء عن مدى انعكاس هذا التغيير على مسار المهمّة الفرنسية في لبنان والرئاسية تحديداً، إذ لعبت كولونا في هذا السياق دوراً فاعلاً في وقت زمني قصير، بعد جولات واجتماعات مكثفة لها في المنطقة وفي لبنان، مع الاطراف السياسية الفاعلة!؟

يقول مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ«الجمهورية»، انّ التغيير الذي حصل في حقيبة الخارجية الفرنسية لن يؤثر على مسار المهمّة الفرنسية في لبنان، لأنّ الملف اللبناني هو اساساً ملف خاص برئاسة الجمهورية الفرنسية. ويضيف المصدر: «أي يجب ان يطمئن اللبنانيون انّ هناك مستشارين في قصر الإليزيه مختصون بالملف اللبناني، وانّ الرئيس ماكرون يتابع شخصياً هذا الملف، وبالتالي انّ التغيير الذي حصل على رأس وزارة الخارجية لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على الأولويات الفرنسية بالنسبة للبنان ولا حتى بالنسبة للمنطقة. ولكن هناك بالطبع في المقابل مواضيع اخرى في العالم لها ايضاً اولوياتها بالنسبة للدولة الفرنسية. ولهذا كانت الزيارة الاولى لوزير الخارجية الجديد الى اوكرانيا».

وقال المصدر الفرنسي لـ«الجمهورية»، انّ «هناك ملفات عدة لها خصوصيتها في الاليزيه وتتطلّب اهتمام المعنيين على رأس الوزارة. انما في ما يخص موضوع لبنان تحديداً يمكننا التأكيد، انّ ملف لبنان يحمله الرئيس ماكرون شخصياً..»، يتابع المصدر: «صحيح انّ كولونا كان لها تحرّكها ولديها خبرة كبيرة في الديبلوماسية والسياسة الخارجية لفرنسا والتقت اطرافاً عدة في لبنان، انما تجدر الاشارة الى الفريق المسؤول عن المنطقة الذي كان ولا يزال نفسه، حتى لو حصل تغيير على صعيد وزارة الخارجية»، كاشفاً عن انّ السفيرة الفرنسية السابقة في لبنان آن غريو كانت وما زالت ممسكة بملف شمال إفريقيا والشرق الاوسط، وهي المطلعة ضمن الفريق على ملف السياسة الداخلية اللبنانية، ولا تزال موجودة من ضمن الخلية المسؤولة عن المنطقة ومن ضمنها لبنان. ولذلك ليس هناك تأثير من التغيير الذي حصل في فرنسا على الموقف السياسي الخارجي الفرنسي بالنسبة الى لبنان… كما انّ التغيير في الحكومة الفرنسية لن يؤخّر مهمّة لودريان لأنّه ممثل خاص لرئيس الجمهورية».

واكّد المصدر انّ لبنان لن يتأثر بأي تغيير بالنسبة لمواقف فرنسا السياسية من الملفات اللبنانية التي تهتم بها، مع الاشارة إلى انّ التغيير الجذري السياسي لم يحصل في فرنسا، بمعنى انّها لم تنتقل من ضفة الى ضفة مختلفة، بل هي ما زالت ضمن الفريق الخاص بالرئيس ماكرون.

اللجنة الخماسية

في السياق، كشف المصدر الديبلوماسي الفرنسي لـ«الجمهورية»، انّ تاريخ زيارة لودريان الى لبنان سوف يكون مرتبطاً بتاريخ اجتماعه مع اللجنة الخماسية، والذي من المفترض ان ينعقد في القاهرة، في الرياض، او في الدوحة، ولكن المرجح أن يُعقد الاجتماع في عواصم البلدان التي لديها ممثل خاص في اللجنة، لذلك قد يكون هناك افضلية لعقد اجتماعات الخماسية في واحدة من عواصم تلك البلدان اي الدوحة، الرياض أو باريس… الّا انّه حتى الساعة لم يحسم الاتفاق على اسم البلد، لأنّ المعنيين مهتمون حالياً اكثر بتوحيد التواريخ الملائمة لكافة ممثلي هذه اللجنة، ومن بعدها يتمّ اتفاق على مكان اللقاء.

من جهة اخرى يكشف المصدر نفسه، انّه وبحسب ترتيب الأولويات قد تؤخّر الحرب الدائرة في غزة اجتماع اللجنة الخماسية، اما بالنسبة لما يتمّ التداول به عن امكانية انسحاب مصر من اللجنة الخماسية، فيؤكّد المصدر الديبلوماسي الفرنسي انّ فرنسا لا مشكلة لديها ان يتمّ عقد اجتماع اللجنة الخماسية في القاهرة، معتبراً انّ لمصر اهميتها ولها دورها المهم ووزنها في الخماسية، لافتاً بأنّ مصر لم تبلّغ رسمياً عن انسحابها من الخماسية، بل انّ هذا الانسحاب يتمّ التداول به فقط في بعض الوسائل الاعلامية.

رئاسياً

يؤكّد المصدر الديبلوماسي الفرنسي، انّ الخماسية لن تتورط بأي اسم تطرحه لرئاسة الجمهورية اللبنانية، لأنّها تعتبر انّ تلك المسؤولية تقع على اعضاء مجلس النواب اللبناني وليس المجتمع الدولي. اما بالنسبة لموضوع التمديد لقائد الجيش، فتؤكّد انّ اهتمام فرنسا لم يكن مرتبطاً بشخص القائد الذي تكنّ له كل احترام له بل كان صوناً بالمؤسسة العسكرية.

القرار 1701

من جهة اخرى، لفت المصدر الديبلوماسي الفرنسي لـ«الجمهورية»، بأنّ اموس هوكستين زار فرنسا قبل مجيئه الى لبنان، وكان لديه اجتماعات موسّعة مع الإدارة الفرنسية في الاليزيه والكيدوكسيه الفرنسي، وهذا الامر هو للقول بأنّ فرنسا تفرّق بين الملفات اللبنانية، اي بين الملف 1701 والملف الرئاسي، وللدلالة إلى الاهتمام الفرنسي ليس فقط بالملف الرئاسي بل في كافة الملفات الأساسية في لبنان. لافتاً انّ القرار 1701 فرض نفسه على كافة الأجندات بما فيها أجندة لودريان، ولو انّه كان مكلّفاً بالملف الرئاسي مع حرص فرنسا على عدم ربط الملفين ببعضهما لإنتاج الحلول، إلّا انّه لا يمكن لأحد إنكار انّ تطبيق القرار 1701 من شأنه ان يؤمّن جواً يساعد في تسهيل الملف الرئاسي. في المقابل يلفت المصدر نفسه انّ العكس ايضاً هو الأصح، بمعنى انّ الحرب الدائرة في المنطقة تستوجب انتخابات رئيس للبنان لما سيساعد وجوده من تسهيل تنفيذ القرار 1701 من قِبل الجانبين اللبناني والاسرائيلي.

ويلفت المصدر في السياق، انّ كل الجهود التي بُذلت من قِبل وزراء وموفدين ومسؤولين فرنسيين الى لبنان كان هدفها تجنيب لبنان الدخول في الحرب. لافتاً انّ فرنسا لا تحبذ فكرة بحث الملف الرئاسي بعد الانتهاء من الحرب في غزة، لذلك تصرّ على عدم الربط بين الملفين الرئاسي والقرار 1701، حتى لا يشترط بعض الاطراف وقف الحرب في غزة للشروع في انتخاب رئيس للبنان.

فرنسا والتيار؟

على صعيد الداخل، كانت لافتة زيارة السفير الفرنسي هيرفي ماغرو رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل امس الاول. وفي استيضاح لـ»الجمهورية» اذا اتت تلك الزيارة في اطار إنهاء «القطيعة» إن لم نقل «سوء التفاهم» الذي وقع بين لودريان وباسيل قبل التمديد لقائد الجيش وكان يرافقه آنذاك السفير ماغرو، بخاصة انّ الاخير اعتذر عن تلبية دعوة للعشاء كان باسيل قد وجّهها اليه مع باقي السفراء الاوروبيين في البترون …؛ يجيب المصدر الديبلوماسي الفرنسي: «لم يكن هناك اي نوع من القطيعة بين السفارة و»التيار الوطني الحر» بعد اجتماع الوزير باسيل ولودريان. اما بالنسبة الى اعتذار السفير ماغرو فقد اتى بموجب تغيير طرأ على أجندته، ولم تكن له اي دلالة سياسية».

اترك تعليق