مع الفصل الأكثر تصعيداً في ما يُصطلح على تسميته بـ «لعبة القط والفأر» بين الولايات المتحدة وإيران وأذرعها، الذي شكّلته الموجةُ الأولى من «الضربات الانتقامية» الأميركية لمواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة معه في العراق وسورية، بدت بيروت «على أعصابها» وهي ترصد الارتجاجاتِ المتماديةَ في إقليمٍ، لا أحد يريد التورط في جرّه إلى «المعركة الكبرى»، ولكنّ عناصر مثل هذا الانفجار تتراكم فوق «بركان غزة» الذي كلما اقترب من ترتيبٍ، ولو موقت، لإخماده تظهّرتْ التعقيداتُ العميقة التي بات لها تأثير أشبه بـ «الاحتباس الحراري» المانِعِ لتنظيم درجات السخونة في منطقةٍ يتمدّد فيها «قوس النار» فوق ساحاتٍ كأنها براميل بارود وفي مقدّمتها جبهة جنوب لبنان.
وغداة مباشرة واشنطن ضرباتها «الثأرية» رداً على مقتل 3 من عسكرييها على الحدود الأردنية – السورية، شخصتْ الأنظارُ على كيفية تلقّي طهران هذه «الرسالة» التي بدت محدَّدةَ «المكان والزمان» مسبقاً، وهل سيكون استخدام إدارة الرئيس جو بايدن «الخشونة الناعمة» معها – رغم إبقائها خارج «دائرة النار» – ومع أذرعها كفيلاً بتحقيقِ ردْعٍ يبدو بحسب أوساطٍ متابعة متناقضاً مع سقفِ «لا نريد الذهاب إلى حربٍ» والذي سلّفتْه أميركا باكراً لـ «الجمهورية الإسلامية» وظهرتْ معه في عملياتها أول من أمس وكأنها هي مَن التزمت بخط أحمر وضعتْه إيران حيال أي ضربةٍ لأهداف داخلها، عوض فرْض أن تلتزم الأخيرة بمعادلة «قتْل أي من الجنود الأميركيين خط أحمر».