رغم تنامي الحديث عن هدنة طويلة مرتقبة في غزّة، فإن الأجواء تشي بأن وقف إطلاق النار الموقّت في القطاع قد لا ينسحب على جبهة الجنوب، والاحتلال الإسرائيلي قد لا يوقف ضرباته ولو أوقف “حزب الله” قصفه، وهو المشهد الذي قد يطغى على المنطقة المشتعلة بشكل عام، لأن الهجوم الحوثي على السفن الغربية سيستمر، والقصف الأميركي – الإسرائيلي على مواقع إيرانية في سوريا والعراق أيضاً.
جنوباً، لا زالت الجبهة حامية، وقد دخلت “حركة أمل” على الخط يوم أمس مع استهدافها عدداً من المواقع الإسرائيلية عند الحدود، رداً على قصف إسرائيل منزل واستشهاد عنصرين في الحركة قبل أيام قليلة، كما استهدف “حزب الله” مواقع أخرى، وقوبل القصف من لبنان بقصف إسرائيلي عنيف أدّى إلى المزيد من الدمار.
ووفق الأجواء، فإن إسرائيل لا تُريد ربط الجبهة مع “حزب الله” بحرب غزّة، والاشتعال قد يستمر انطلاقاً من الرغبة الإسرائيلية في تغيير الواقع الحدودي، واستناداً إلى التصريحات الإسرائيلية، لا سيما وزير دفاع العدو الإسرائيلي يواف غالانت، الذي قال “لا توقف لإطلاق النار عند الحدود مع لبنان ضدّ “حزب الله” حتى لو توقف إطلاق النار في غزة”.
غالانت أيضاً هدّد بتوسيع الجبهة مع “حزب الله” في حال لم تتحقق الأهداف الإسرائيلية عبر الدبلوماسية، أي إبعاد الحزب عن الحدود لمسافة معيّنة. وعلى المقلب الآخر، لا زال “حزب الله” يرفض الحديث عن تسويات دون وقف إطلاق النار في غزّة، إلّا أن إعلاماً عبرياً نقل معلومات مفادها أنّ المفاوضات بين الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة اللبنانية بشأن الوضع الحدودي “تتقدّم”، مقدّرة فرصة نجاح المفاوضات السياسية بنحو 30%، وهو ما لا يمكن التحقق منه فعلياً.
ووفق المعلومات نفسها، فإن إسرائيل التي تطالب بإبعاد “حزب الله” إلى شمال نهر الليطاني “ستوافق على انسحاب جزئي لحزب الله من الحدود إلى مسافة تتراوح بين 8 و12 كيلومتراً، وبالمقابل، ستقوم إسرائيل بالتخلي عن عدد من “النقاط الثانوية” من الأراضي المتنازع عليها لمصلحة لبنان”.
في السياسة، كان ثمّة موقف لافت لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، كشف خلاله أن سفراء اللجنة الخماسية لم يفرضوا “فيتو” على أي اسم مرشّح لرئاسة الجمهورية، وجدد دعوته إلى الحوار، وقال إن لا مشكلة له بترؤس نائبه الياس بو صعب الحوار في حال كان ذلك يخدم إنجاز الاستحقاق، مكرّراً موقفه من عدم الدعوة إلى جلسات متتالية بلا حوار “لأنه وحده ااتوافق يسمح بتأمين النصاب لانتخاب رئيس”، داعياً إلى التوافق لا الإجماع.
وفي غزّة، فإن الحرب مستمرّة، لكن حظوظ التوصّل إلى هدنة ترتفع ولو أن ذلك لم يكمن محسوماً، و”حماس” تبحث في آخر التفاصيل قبل الرد على مقترح الهدنة المطروح، وفي المقابل، فإن إسرائيل لا زالت تعاني من تصدّعات تزيد تشققاتها، وقد ظهر أمس الخلاف بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
إذاً، فإن أياماً حاسمة على صعيد غزّة ولبنان، تفصل المنطقة عن الاتفاق على هدنة من عدمه، ومتى تم الاتفاق على هذه الهدنة ولم تنسحب على الجنوب، فإن ذلك يعني فصل إسرائيل لجبهة “حماس” عن جبهة “حزب الله”، فتكون الحرب في الجنوب دخلت مرحلة جديدة، ما يفتح الباب أمام التصعيد وحتى احتمال استمرار الحرب ولو حصل وقف دائم لإطلاق النار في غزّة.