“ترقب لتصعيد عسكري أوسع” في الجنوب

أظهَر تصاعد حدّة المواجهات العسكرية في الجنوب بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي خلال اليومين الماضيين، انّ «صفقة» آموس هوكشتاين مع الكيان الاسرائيلي لتبريد ساحة الجنوب سقطت قبل أن تولد، وإلّا لكانَ زار بيروت ناقلاً حلولاً مقبولة، وسقطت معها «الصفقات» التي حَملها وزيرا خارجية بريطانيا ديفيد كاميرون وفرنسا سيباستيان سيجورنيه، لأنها تدور حول محور واحد وتحقيق هدف واحد هو ضمان أمن اسرائيل.

بعد فشل الجهود السياسية وسياسة المكّوك الدبلوماسي التي اتّبعتها الادارة الاميركية اولاً، ومن ثم الدول الاساسية في الاتحاد الاوروبي فرنسا وبريطانيا والمانيا وبلجيكا واسبانيا وغيرها، عَدا ما قام به مفوّض السياسة الخارجية والامن للإتحاد جوزيه بوريل، تترقّب الاوساط المتابعة تصعيداً عسكرياً أوسع من قبل الكيان الاسرائيلي في الجنوب في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تعثر مفاوضات تبادل الاسرى بينه وبين حركة «حماس»، ولتحقيق هدف واحد يَكمن في ما وصفه رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو ووزير حربه يؤآف غالانت «الإنتصار الكامل» في غزة، واستمرار القتال في جبهة الشمال الفلسطيني والجنوب اللبناني حتى لو توقفت الحرب في غزة، وقد حَشد جيش الاحتلال لذلك اكثر من ثلاثة ألوية مقاتلة على جبهة الجنوب.

وقد أصبحت أسباب سقوط الاقتراحات الاميركية والاوروبية معروفة بعد نشرها من اكثر من مصدر رسمي لبناني واسرائيلي واكثر من مصدر اعلامي غربي واسرائيلي، ومُختصر هذه الاسباب هو انها في جوهرها وشكلها تراعي مصالح اسرائيل وأمنها على حساب مصالح لبنان وأمنه. لذلك كان السؤال مشروعاً قبل يومين: ماذا بعد مع تَعثّر المساعي الديبلوماسية؟ وماذا بعد استمرار العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة واستهداف المدنيين والمنازل والمؤسسات الاقتصادية والزراعية الخاصة والعامة والسيارات والبنى التحتية في جنوب لبنان؟ وكيف سيتصاعد رد «حزب الله» العسكري بعد ردّه السياسي الرافض للحلول الغربية المطروحة حول وضع الجنوب؟ وأخيراً ماذا بعد جمود حركة اللجنة الخماسية العربية – الدولية العاملة على خَطّي رئاسة الجمهورية ووقف الحرب؟

لا يبدو انّ ثمة جواباً جاهزاً بعد عند كل الاطراف سوى استمرار الكيان الاسرائيلي باستهداف قيادات وكوادر المقاومة كما حصل في النبطية أمس، من خلال محاولة اغتيال أحد قياديي المقاومة بقصف سيارته. ولم تتأكد المعلومات من مصادر خاصة في الجنوب عن استشهاده، واستهداف القرى الحدودية والقرى الواقعة في مسافات أعمق، واستمرار المقاومة في تصعيد ردّها العسكري، واستمرار فرنسا في مساعيها السياسية، كما ظهر في زيارة الوفد المشترك من وزارتي الخارجية والدفاع الفرنسيتين أمس لبيروت، والتي اعتبرها السفير هيرفيه ماغرو «زيارة لمتابعة زيارة وزير الخارجية سيجورنيه وما عَرضَه من افكار بشأن الوضع في جنوب لبنان». لذلك أوضحت الخارجيّة الفرنسيّة مساء امس «اننا نقوم بمشاورات لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية»، لمعرفتها انّ فشل الحلول السياسية سيؤدي الى تصعيد اكبر في الوضع العسكري قد يصل الى حدود حرب ولو صغيرة ومحدودة تسعى دول العالم الى تجنّبها نظراً لانعكاساتها على مجمل وضع المنطقة المتفجّر أصلاً.

وهنا يُطرح ايضاً السؤال: هل تنجح فرنسا في تسويق مقترحاتها لتهدئة جبهة الجنوب حيث أخفقَ مَن سبقها من وفود اميركية واوروبية؟

تجيب مصادر دبلوماسية: انّ فرنسا لن تقطع الأمل بتحقيق نتيجةٍ ما، وهي ستواصل مساعيها ولو منفردة باعتبارها الصديق الغربي الاقرب الى لبنان ولأنها تخشى عليه من نتائج أي حرب او عدوان اسرائيلي واسع تِبعاً لِما تَبلّغته هي وغيرها من الموفدين من قيادة الكيان الاسرائيلي السياسيين والعسكريين، وبعد إعلان الناطق العسكري بإسم جيش الاحتلال الإسرائيلي «انّ بعض قواتنا التي انسحبت من غزة تتدرّب على مواجهة العدو على حدودنا الشمالية مع لبنان».

اترك تعليق