تراجع الحديث عن الهدنة، ليستكمل الجيش الاسرائيلي جنون حربه المدمّرة على كل قطاع غزة، لا سيما رفح بعد أن لجأ إليها قرابة مليون ونصف نازح فلسطيني من غزة، وقد تجاوز عدد الشهداء الذين سقطوا في الساعات الأخيرة نتيجة القصف الاسرائيلي أكثر من مئة شهيد من النساء والشيوخ والأطفال، في خطة مبرمجة لإجبار السكان على النزوح جنوباً باتجاه سيناء.
إلى ذلك تكثّف إسرائيل من اعتداءاتها ضد القرى الحدودية في لبنان من الناقورة غرباً حتى تلال كفرشوبا ومزارع شبعا شرقاً، وبعمق يصل الى أكثر من عشرة كيلومترات. وفي المقابل رد حزب الله وحركة أمل على هذه الاعتداءات بقصف ضد المستعمرات الحدودية وتجمعات الجيش الاسرائيلي، مسجلين إصابات مباشرة في صفوف العدو بحسب البيانات الصادرة عنهما.
مصادر أمنية أشارت في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية الى خطورة الوضع الميداني في الجنوب، وأن توسيع رقعة المواجهات في الجنوب وقرار رئيس أركان جيش العدو بنقل اللواء الأشد دموية من غزة الى الجبهة الشمالية ينذر بتوسّع رقعة الحرب واحتمال انزلاقها نحو الأسوأ.
المصادر أبدت خشيتها من تواطؤ أميركي تجاه اسرائيل لتنفيذ مخططاتها التوسعية ما قد يدخل المنطقة بحرب غير محمودة النتائج، واصفة الوضع في الجنوب بالخطير وينذر بمخاطر جسيمة في حال استمر التصعيد العسكري.
في هذا الوقت، دشّن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي عاد الى لبنان مساء الأحد للمشاركة بإحياء الذكرى التاسعة عشر لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، نشاطه السياسي بزيارة السراي الحكومي ولقاء الرئيس نجيب ميقاتي، على أن يزور لاحقاً عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ودار الفتوى للقاء المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، ويقوم بسلسلة لقاءات واتصالات مع المرجعيات السياسية والفاعليات.
وقد وصف النائب السابق عاصم عراجي في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية عودة الحريري الى بيروت هذه السنة بأنها مختلفة عن السنة الماضية، لا بل أفضل منها بكثير، حتى لو انها مخصصة لقراءة الفاتحة على ضريح والده، متوقعاً أن يعقد في بيت الوسط عدة اجتماعات مع قيادات سياسية وأخرى لكوادر المستقبل.
وعن احتمال عودة الحريري الى العمل السياسي، رأى عراجي أن هذا الأمر يتعلّق به وبانتفاء الأسباب التي جعلته يعلّق عمله السياسي، وهذا برأيه سيتم على مراحل وليس دفعة واحدة، خصوصاً وان الطائفة السنية كانت تشعر بالفراغ في غيابه خاصة وأن أحداً لم يستطع ملء الساحة السنية من بعده، لا بل ان الطائفة السنية أصيبت بنوع من الضعف والتراجع بغيابه.
وتوقع عراجي عودته الى العمل السياسي نظراً الى علاقته الجيدة مع الدول العربية وخاصة الخليجية، لأن لبنان برأيه لن يعود إلا بنفَس عربي. كل هذه الأمور ساهمت بتنامي العاطفة تجاه الحريري وهذا الأمر قد يتجسد بالمشاركة الكثيفة في ذكرى الاستشهاد يوم غد.
بالتزامن، واصل الرئيس وليد جنبلاط حراكه على خط مختلف القوى السياسية، حيث زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في دارته، وجرى عرض للأوضاع الراهنة في لبنان والأراضي الفلسطينية.
التطورات تتسارع على خط لبنان، إلا ان الأمن لا يزال يتصدّر المشهد فيما المشهد السياسي على حاله، إلا ان الهم الميداني يتحكم بالأحداث خصوصاً في ظل التهديدات المتصاعدة من الجانب الإسرائيلي. فهل يعي المسؤولون اللبنانيون ما تخطط له إسرائيل لمواجهة مخاطر حرب وشيكة ضد لبنان؟